[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[size=21]إعداد : عماد عبد الراضى :
هل المشايخ بصفة عامة كائنات مضادة للضحك؟ وهل السلفيون علي وجه الخصوص لا
يعرفون الإيفيه الحراق وتخاصم سحنتهم الابتسامة؟ قبل أن تتسرع في الإجابة,
دعني أزيدك من الشعر بيتا: هل التدين يتناقض مع الفكاهة؟
وهل تقوي الله تعني أن نطلق النكتة بالثلاثة ونهجر الضحك إلي الأبد؟
الحق والحق أقول: إن شيوخنا الأفاضل أكثر الناس بشاشة,
ورموز السلفية فرسان في الافيهات الضاحكة ولا يشق لهم غبار, ليس فقط لأن
النبي صلي الله عليه وسلم قال: تبسمك في وجه أخيك صدقة, أو لأنه صلوات ربي
وسلامه عليه كان يمزح ولا يقول إلا صدقا, بل لأن أقطاب الدعوة السلفية هم
في النهاية مصريون حتي النخاع, تسري في دمائهم جينات النكتة, ويجري علي
ألسنتهم الإيفيه اللي حبك فجأة... شربوا من نيل السخرية ولوحت شمس الفكاهة
جباههم واكتووا بنار المفارقات الاجتماعية التي تحتاج فقط إلي من يلتقطها
بذكاء ويبرزها بحرفنة...
من هنا لم تكن هذه الصفحة مجرد اجتهاد صحفي نجهز له منذ أسابيع, بل هي
إعلان لبراءة السلفيين من تهمة التكشيرة, وتسليط الضوء علي الوجه الضاحك
لمشايخنا الأجلاء والأهم أن هذه الصفحة هي أيضا دعوة للتوافق الوطني بين
أبناء الشعب الواحد, إذ لك أن تختلف مع حزب النور سياسيا أو تتحفظ علي بعض
مواقف الدعوة السلفية في هذه القضية أو تلك, لكن لا يمكن أن نختلف علي
الروح الساخرة المغرقة في مصريتها التي توحدنا جميعا بصرف النظر عن اللافتة
الحزبية التي يرفعها أي منا.. أسابيع طويلة وأنا أطارد الزميل عماد
عبدالراضي, وكلما انشغل أو تكاسل قليلا نظرت إلي لحيته الكثة وعلامة الصلاة
التي تتوسط جبينه وقلت له: أنت خير من يقوم بتلك المهمة!..
الحقيقة أن طرائف ونوادر علماء الدين ليست بدعا في عصرنا,
ولكن روي الكثير منها عن الأئمة الأعلام, فيروي أن رجلا ذهب للإمام أبي
حنيفة النعمان وسأله: يا أبا حنيفة.. إن نزلت نهر الفرات لأستحم, كيف أجعل
وجهي؟ أأجعله تجاه القبلة؟ فرد أبو حنيفة: بل اجعله تجاه ثيابك حتي لا
تسرق.
ويحكي أن الإمام أبو حنيفة, رضي الله عنه, كان يجلس في المسجد بين تلاميذه
في بغداد, يحدثهم عن أوقات الصلاة, فدخل المسجد شيخ كبير السن, له لحية
كثيفة طويلة, ويرتدي علي رأسه عمامة كبيرة, فجلس بين التلاميذ. وكان الإمام
يمد قدميه, لتخفيف آلام كان يشعر بها, ولم يكن هناك من حرج بين تلامذته
حين يمد قدميه, فقد كان قد استأذن تلامذته من قبل بمد قدميه أمامهم لتخفيف
الألم عنهما. وحين جلس الشيخ الكبير, شعر الإمام بأنه يتوجب عليه, واحتراما
لهذا الشيخ, أن يطوي قدميه ولا يمدهما, وكان قد وصل في درسه إلي وقت صلاة
الصبح, فقال' وينتهي يا أبنائي وقت صلاة الصبح, حين طلوع الشمس, فإذا صلي
أحدكم الصبح بعد طلوع الشمس, فإن هذه الصلاة هي قضاء, وليست لوقتها', وإذا
بالضيف يسأل الإمام أبو حنيفة:' يا إمام, وإذا لم تطلع الشمس, فما حكم
الصلاة؟'. فضحك الحضور جميعهم من هذا السؤال, إلا الضيف والإمام الذي قال'
آن لأبي حنيفة أن يمد قدميه'.
أما عن طرائف شيوخنا المعاصرين فهي كثيرة, نرصد بعضها في السطور التالية:
روي الشيخ وجدي غنيم طرفة أثناء حديثه في أحد دروسه عمن يستفتون الجهلاء
ممن يدعون العلم.. فقال إن رجلا ذهب إلي واحد منهم وسأله:' هو الطواف كام
شوط يا شيخ؟'.. فرد عليه الشيخ المزعوم:' قول سبعة'.. ففزع الرجل وقال:'
أنا طفت تسعة'.. فرد الشيخ:' ارجع هات اتنين بالعكس'.
كان الشيخ أبو إسحاق الحويني يتحدث في أحد دروسه عن الغيرة, فذكر قصة قال
إنها أغرب ما قابله من غيرة النساء, فحكي أنه كان في بلد أجنبي, وكان شاب
فلسطيني الجنسية قد تزوج من فتاة أسلمت من هذه الدولة وكانت تحبه بشدة,
وعندما علمت الفتاة أن المسلم في الجنة سيتزوج سبعين من الحور العين, أخذت
تدعو الله علي زوجها أن يدخل النار من فرط غيرتها عليه ورفضها أن يتزوج
بأخري عليها حتي ولو في الجنة!
طرفة أخري حكاها الشيخ الحويني في إحدي حلقاته بقناة فضائية, فقال إن بعض
الأذكياء قالوا إن المرأة النكدية لها فوائد, فسئل أحدهم عن فوائد المرأة
النكدية, فقال إن لها ثلاث فوائد تعود علي زوحها:
الفائدة الأولي: أن لسانه يظل رطبا بذكر الله( بقول حسبي الله ونعم الوكيل).
الفائدة الثانية: أنها تعينه علي صلة الرحم( بفراره منها وإقامته عند والديه).
الفائدة الثالثة: أنها تعينه علي غض البصر( لأنها تجعله يكره كل النساء).
وذات مرة وفي أثناء إلقاء الشيخ أبو إسحاق الحويني درسه انقطع التيار
الكهربي عن قاعة الدرس وانطفأت الأنوار.. فسكت الشيخ للحظات ثم ضرب بأصابعه
علي مكبر الصوت ففوجئ بأنه يعمل رغم انقطاع الكهرباء.. فسأل الحاضرين
ضاحكا:' معجزة دي والا إيه.. والا انتم بتناموا في الوقت ده؟'.
ويحكي الشيخ محمد حسان في لقاء بقناة فضائية عن موقف طريف حدث له في أحد
المطارات الأجنبية, وأدي هذا الموقف إلي إسلام أسرة أمريكية بأكملها, فقال
إنه كان مع بعض المشايخ في المطار, حيث تأخرت الطائرة, فقاموا يصلون المغرب
والعشاء جمعا وقصرا, وكان هو إمامهم في الصلاة, وكان الوقت أمامهم متسعا
فأطال في الصلاة, وما إن انتهوا من صلاتهم حتي وجدوا أنفسهم في حلقة من
الرجال والنساء يحيطون بهم, ومنهم من يقوم بتصويرهم بالكاميرات, ثم تقدم
منهم رجل أمريكي تجاوز الخامسة والستين من عمره, وكان معه زوجته وابنته,
فقال لهم إنه لفت نظره سجودهم, وسألهم لماذا تضعون وجوهكم علي الأرض؟!..
وكانوا يصلون علي الأرض بدون فراش.. وقال معقبا بأنه تأتيه حالات من القلق
النفسي والاضطراب يفكر خلالها في الانتحار, فلا يشعر بالراحة والسعادة إلا
حينما يضع وجهه علي الأرض كما رآهم يفعلون, وقال إنه سعيد لأنه رأي زملاء
له جاءتهم حالة القلق النفسي وخشوا علي أنفسهم من الانتحار ففعلوا مثلما
يفعل, ووضعوا وجوههم علي الأرض... ويضيف الشيخ حسان أنه أفهمهم أن هذه هي
صلاة المسلمين.. مما أدي في النهاية إلي إسلام الرجل وأسرته.
موقف طريف آخر وقع للشيخ حسان, حدث في أثناء سفره في طائرة إلي المجر, حيث
فوجئ بعد إقلاع الطائرة بكل ركابها من الأجانب يخرجون زجاجات الخمر, وفاحت
رائحتها لدرجة أنه تأذي منها وشعر بأنه يريد أن يتقيأ, ويقول الشيخ إنه
اضطر لقضاء فترة الرحلة كاملة في الحمام هربا من رائحة الخمر..!
ومن الطرائف التي رواها الشيخ محمود المصري في أحد دروسه, طرفة قال إنها من
شخص ذكي لآخر أذكي منه, حيث زار رجل صديقه الذي يعمل مكوجيا فوجد خديه
محترقتين, فسأله عن سبب ذلك, فرد بالقول إنه كان يضع هاتفه المحمول علي
المنضدة, ولما رن الهاتف اختلط الأمر عليه وبدلا من أن يرفع الهاتف رفع
المكواة فأحرقت وجهه, فقال الضيف.. هذا خدك الأيمن, لكن ماذا عن خدك
الأيسر, فرد المكوجي:' ما هو الغبي اتصل تاني'!
والطريف أن يتناقل الشيوخ الطرائف والمواقف النادرة عن بعضهم, فنقل الشيخ
محمود المصري طرفة عن الشيخ أبي إسحاق الحويني, قال فيها: وقع شجار بين رجل
وزوجته, وكانت الزوجة شرسة جدا, فأخذت' شومة' وحاولت ضربه بها, فجري منها
واختبأ تحت السرير, فقالت له: لو راجل تطلع, فرد الزوج سريعا بالقول: مش
طالع وهنشوف كلام مين فينا اللي هيمشي!
وذكر الشيخ محمود المصري في حديث له عن الحرص علي صلاة الجماعة, قصة أشخاص
كانوا في دولة من دول الخليج وفي سفر حوالي ثلاثة آلاف كيلومتر من مدينة
إلي أخري, فنزلوا في فندق للاستراحة وقضاء الليل فيه, وحينما دخلوا الفندق
كان وقت صلاة المغرب, وفي أثناء ذهابهم إلي غرفهم وجدوا ساحة مفروشة
بالموكيت في نهايتها محراب مرسوم فيه القبلة فظنوها مسجدا, ودخلوا في
الصلاة بالفعل, ودخل الإمام في المحراب وبدأ الصلاة ثم ركع, وأطال الركوع
بشكل أقلق بقية رفاقه, حتي نظر أحدهم فلم يجد الإمام ولا المحراب.. فقاموا
منزعجين ليبحثوا عن رفيقهم فلم يجدوه, وتبين لهم بعد ذلك أن هذا المحراب لم
يكن إلا مصعد الفندق وأن إدارة الفندق رسمت فيه اتجاه القبلة لكي يعرفه
النزلاء في كل دور, وفي أثناء ركوع الإمام طلب أحد النزلاء المصعد في دور
آخر فصعد بالإمام, وهكذا سرق الإمام والمحراب..!
وبأسلوبه الرشيق الشيق يحكي الشيخ عبد الله كامل واحدة من أطرف المواقف
التي تعرض لها, فيقول إنه كان إماما في صلاة بأحد المساجد, وكان يصلي وراءه
رجل مغرم بالمقامات الموسيقية ومتأثر جدا بها, لدرجة أنه كلما سمع شيئا
قلده كالببغاء ولكن في المقامات, وبدأ الشيخ يقرأ في أول آية من فاتحة
الكتاب, ففوجئ بصوت من خلفه ينغم الآية بالمقامات الموسيقية, ويقول الشيخ
إنه توقف من فرط دهشته حتي خشي أن يقول الناس إنه نسي الفاتحة, فأكمل
القراءة, وكلما غير المقام أو رفع صوته حتي يسكت الرجل ظل الرجل ينغم
الآيات معه, حتي وصل الأمر به إلي تنغيم التكبير في حركات الصلاة.
وكان الشيخ المصري يتحدث عن حديث النبي صلي الله عليه وسلم الذي قال فيه:'
تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها' وتطرق إلي اختيارات
الشباب العجيبة في الوقت الحاضر, حتي توقف عند إعلان عجيب قرأه في إحدي
المجلات, حيث نشر رجل إعلانا يطلب فيه زوجه قال فيه: من مزارع في الخامسة
والعشرين من عمره, يرغب في الزواج من فتاة ريفية تمتلك جرارا زراعيا,
فالرجاء عند الموافقة إرسال صورة الجرار'.
وفي إحدي حلقاته التليفزيونية, يحكي الشيخ حازم شومان طرفة حدثت لصديق له
يعمل صيدليا في إحدي القرية, حينما جاءه رجل بسيط قال له: لو سمحت يا دكتور
أنا عايز القطرة التي تضعها زوجتي في عينيها, فسأله الصيدلي: اسمها إيه؟'
قاصدا نوع قطرة العين' فرد الرجل البسيط وقد ظن أنه يسأله عن اسم زوجته:
اسمها فتحية... ويقول الشيخ ضاحكا: ليت كل الأزواج يكونون في إخلاص هذا
الرجل الذي لا يفكر إلا في زوجته!
وللشيخ محمد حسان موقف طريف جدا بسبب خلط البعض بين معني كلمة' دهن' في
حديث أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يكن يرد الدهن.. بمعني الطيب أو
العطر.. وبين المعني الآخر لنفس الكلمة' الدهن' أي المادة التي تستخدم في
طهي الطعام, ونحن ننقله كما رواه في أحد دروسه, قال الشيخ:' جاءني بعض
أحبابنا من مدينة المنصورة في أحد دروس الخميس, وكان الدرس مزدحما جدا,
لكني فوجئت بهم ينادونني: يا شيخ عايزين نسألك في صحة حديث, فقلت له
تعالوا, سأل أحدهم: هل ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم كان لا يرد
الدهن؟.. فرد الشيخ: نعم.. هذا صحيح, كان صلي الله عليه وسلم لا يرد
الدهن.. فإذا بواحد منهم يقول: مش قلت لكم علشان ما عدتوش تتلامضوا معايا..
وإذا بآخر يقول: يا شيخ ده كان هيموتنا النهارده.. يقول الشيخ حسان:
سألتهم: فيه إيه؟.. وجلس معهم ليعرف الأمر.. فقال أحدهم: هذا الأخ دعانا
لطعام الغداء, وأحضر لنا' لية الخروف' وحمرها بالسمن البلدي ووضعها علي
الأرز, وكان يقطعها لنا وكلما رفضنا أكلها يقول: كل.. كان النبي صلي الله
عليه وسلم لا يرد الدهن. وأضاف, قلت له: انت متأكد إن النبي قال كده.. فرد
الداعي: والله يا أخي حديث صحيح.. فيأكلوا' اللية' حبا في رسول الله..
وكلما انتهوا من أكل قطعة قدم لهم أخري وإذا رفضوا ردد لهم الحديث, فاتفقوا
علي الذهاب للشيخ حسان ليبين لهم صحة الحديث, ويقول الشيخ حسان: نظرت إلي
صاحب الدعوة, وقلت له سامحك الله.. كان النبي صلي الله عليه وسلم لا يرد
الدهن أي لا يرد الطيب.. فقال له الرجل الآخر: كنت هتموتنا باسم النبي؟.
ومن أطرف المواقف التي وقعت للشيوخ, ذلك الموقف الذي وقع فيه الشيخ صفوت
حجازي, وحكاه في حلقة بقناة تليفزيونية, فقال: كنت أعقد عقد زواج بأحد
المساجد, وبدأت الخطبة فقلت: إنه يوم مبارك, فهو يوم جمعة, وفيه ساعة
إجابة, والنبي صلي الله عليه وسلم كان يتزوج يوم الجمعة, ومن علامات مباركة
هذا الزواج أنه يعقد في المسجد يوم الجمعة.. ويضيف: لاحظت علامات الدهشة
علي وجوه الحاضرين, واقترب منه أحدهم وهمس له: هل حضرتك صليت الجمعة
النهارده؟.. فتوقف الشيخ وقد اكتشف أن اليوم هو الإثنين وليس الجمعة!
ومن الطرائف التي وقعت علي الهواء مباشرة, الاتصال الذي تلقاه الشيخ محمد
حسان خلال حلقة رمضانية, فجاءه صوت طفل صغير يقول وهو يتلعثم في كلامه:
السلام عليكم.. فرد الشيخ السلام.. فقال الطفل: إزيك يا أبي.. فرد الشيخ:
أهلا وسهلا.. أنت من؟' بصيغة المذكر'.. فظل الطفل يردد: أنا أحبك.. والشيخ
يرد: وأنا أحبك أيضا.. حتي سأل الشيخ مرة أخري: ما اسمك؟.. فرد الطفل بصوت
لا يكاد يفهم: أنا سلمي.. وأدرك الشيخ أنه يتحدث مع طفلة وهي ابنته' سلمي'.
كان الشيخ محمود المصري يقدم إحدي حلقاته التلفزيونية, وتحدث فيها عن
الإمام الفقيه' أبو زرعة بن شريح' وكان يفتح بيته علي المسجد, وذات مرة كان
في درس علم مستغرقا مع تلاميذه الذين كانوا يجلونه غاية الإجلال, وإذا
بأمه تناديه وتأمره بإطعام الدجاج, ويعلق الشيخ علي هذا الموقف, قائلا:
تخيل لو كنت أنا معاك الآن, وأمي رحمها الله- تناديني: يا حودة.. أطعم
الفراخ, فنأخذ فاصل, ونيجي لكم بعد ذلك من عشة الفراخ! الطريف أن المخرج ظن
أن الشيخ يريد الخروج إلي الفاصل بالفعل, ولكن الشيخ أشار إلي أنه يمزح,
قائلا: ما فيش فراخ يا ابني, هنطلع فاصل ليه'.
حكاية طريفة شارك في روايتها كل من الشيخ محمود المصري والشيخ مازن
السرساوي, وهي قصة ملك كان له وزير كلما نزل بالملك مصاب يقول له:' لعله
خير'. فحينما مات ولده قال له الوزير: لعله خير', ثم قطع أصبعه فقال له
الوزير:' لعله خير'. فضاق به الملك وأمر بإيداعه السجن, فقال أيضا:' لعله
خير'. وبعدها بفترة خرج الملك متخفيا للصيد في الغابة, فقابل قبيلة كانت
معتادة ذبح رجل في هذا التوقيت كقربان, ولم يدركوا أنه الملك بسبب تخفيه,
وكادوا يذبحونه, لولا أن وجدوا أصبعه مقطوعا, فتركوه رافضين أن يكون
قربانهم مشوها, فتذكر وزيره, وأمر بإخراجه من السجن وسأله:' أنا...' لعله
خير'... لأن اصبعي المقطوع أنقذني من الذبح, ولكن أنت لماذا سجنك' لعله
خير'؟ فرد قائلا: لأنني كنت سأذهب معك وسيتركونك ويذبحونني بدلا منك...
فلعله خير!
وفي أحد دروسه, كان الشيخ المصري يتحدث عن الرضا بقضاء الله, ونقل قصة
أوردها الإمام بن الجوزي في' أخبار الحمقي والمغفلين' عن أعرابي كان عنده
حمار يقول بن الجوزي:' كان لا يري الدنيا إلا في حماره, وكان أن مرض
الحمار, فنذر الأعرابي أن يصوم لله سبعة أيام لو شفي الحمار, فشفي الحمار
وصام الأعرابي الأيام السبعة بالفعل, ولكن بعد مغرب اليوم السابع مات
الحمار, فقرر الأعرابي خصم الأيام السبعة التي صامها من شهر رمضان التالي!
ويحكي الشيخ مصطفي العدوي موقفا طريفا مر به في اليمن حين كان ضيفا علي
قناة تليفزيونية, وحين سأله مقدم البرنامج: ربما يستنبط الفقيه أحكاما
فقهية من الكتب, ثم يأتي الواقع ليغير من هذه الأحكام ومن رؤاه ومن فتاواه,
فهل حدث ذلك معكم؟.. ورد الشيخ العدوي بالإيجاب, مشيرا إلي أنه قد سافر
إلي اليمن بعد انتهاء دراسته وتجنيده, وكان يحرص وقتها علي تنفيذ أي حديث
يسمعه عن النبي صلي الله عليه وسلم, وكان مما قرأه من حديث أم هانئ أن
النبي صلي الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وله أربع غدائر' ضفائر' فقام
بعمل أربع ضفائر من الخلف, وقال إنه كان في اليمن الكثير من اليهود, وإن
علامة اليهودي من أعلام الأئمة أن يجعل له' زنارة' أي ضفيرة جهة اليمين
وأخري جهة اليسار, وذات يوم نزل إلي السوق لشراء بعض الاحتياجات, فإذا
بالبائع يساله: كيف حالك يا أبا يهود؟!.. فحاول أن يفهمه أن هذه الضفائر
سنة عن رسول الله, لكن البائع رد:' ما تكذبش علي رسول الله', فانصرف رافضا
الجدال, وقال إن الضفائر ليست علي الإيجاب وليست علي الاستحباب, ويقول إنه
راجع الحديث مرة أخري, فوجد أن الحديث فيه انقطاع!
وقصة طريفة أخري وقعت للشيخ عمر عبد الكافي حين كان يلقي درسه ذات يوم,
وكان في الصف الأول رجل ينصت باهتمام بالغ, ويقول الشيخ إنه شعر بالإعجاب
من اهتمام وإنصات الرجل, حتي تلا حديث النبي صلي الله عليه وسلم:' لتتبعن
سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة, حتي لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه' أخرجه
الترمذي.. ويضيف: فوجئت بهذا الرجل يقول:' والله شجاع الترمذي هذا'.. فسأله
الشيخ: لماذا؟.. قال الرجل: الترمزي أخرج الضب! فطلب الشيخ إقامة الصلاة
ليستريح من علم هذا العبقري.
ويكشف الشيخ مسعد أنور في إحدي خطبه سر كلمة' الخنفشار' فيقول إن هناك قصة
قديمة عن رجل كان يفتي أي سائل في أي سؤال كان, ولا يقول في أي سؤال إنه لا
يعلم, فلاحظ أقرانه جرأته علي الفتوي, فأجمعوا أمرهم بينهم علي امتحانه,
فاختلقوا له كلمة ليس لها أصل في أي لغة, فأخذوا من اسم كل واحد منهم حرفا
فكان الحاصل كلمة' الخنفشار' وذهبوا إلي الرجل في درس علمه, وقالوا إنه قد
وقفت أمامهم كلمة لا يعرفون لها معني, وهي كلمة الخنفشار, فأجاب بسرعة:
الخنفشار كلمة سهلة, وهي نبت طيب يخرج علي أطراف أرض اليمن, وإذا أكلته
الإبل ينعقد لبنها في ضرعها,
[/size]هل المشايخ بصفة عامة كائنات مضادة للضحك؟ وهل السلفيون علي وجه الخصوص لا
يعرفون الإيفيه الحراق وتخاصم سحنتهم الابتسامة؟ قبل أن تتسرع في الإجابة,
دعني أزيدك من الشعر بيتا: هل التدين يتناقض مع الفكاهة؟
وهل تقوي الله تعني أن نطلق النكتة بالثلاثة ونهجر الضحك إلي الأبد؟
الحق والحق أقول: إن شيوخنا الأفاضل أكثر الناس بشاشة,
ورموز السلفية فرسان في الافيهات الضاحكة ولا يشق لهم غبار, ليس فقط لأن
النبي صلي الله عليه وسلم قال: تبسمك في وجه أخيك صدقة, أو لأنه صلوات ربي
وسلامه عليه كان يمزح ولا يقول إلا صدقا, بل لأن أقطاب الدعوة السلفية هم
في النهاية مصريون حتي النخاع, تسري في دمائهم جينات النكتة, ويجري علي
ألسنتهم الإيفيه اللي حبك فجأة... شربوا من نيل السخرية ولوحت شمس الفكاهة
جباههم واكتووا بنار المفارقات الاجتماعية التي تحتاج فقط إلي من يلتقطها
بذكاء ويبرزها بحرفنة...
من هنا لم تكن هذه الصفحة مجرد اجتهاد صحفي نجهز له منذ أسابيع, بل هي
إعلان لبراءة السلفيين من تهمة التكشيرة, وتسليط الضوء علي الوجه الضاحك
لمشايخنا الأجلاء والأهم أن هذه الصفحة هي أيضا دعوة للتوافق الوطني بين
أبناء الشعب الواحد, إذ لك أن تختلف مع حزب النور سياسيا أو تتحفظ علي بعض
مواقف الدعوة السلفية في هذه القضية أو تلك, لكن لا يمكن أن نختلف علي
الروح الساخرة المغرقة في مصريتها التي توحدنا جميعا بصرف النظر عن اللافتة
الحزبية التي يرفعها أي منا.. أسابيع طويلة وأنا أطارد الزميل عماد
عبدالراضي, وكلما انشغل أو تكاسل قليلا نظرت إلي لحيته الكثة وعلامة الصلاة
التي تتوسط جبينه وقلت له: أنت خير من يقوم بتلك المهمة!..
الحقيقة أن طرائف ونوادر علماء الدين ليست بدعا في عصرنا,
ولكن روي الكثير منها عن الأئمة الأعلام, فيروي أن رجلا ذهب للإمام أبي
حنيفة النعمان وسأله: يا أبا حنيفة.. إن نزلت نهر الفرات لأستحم, كيف أجعل
وجهي؟ أأجعله تجاه القبلة؟ فرد أبو حنيفة: بل اجعله تجاه ثيابك حتي لا
تسرق.
ويحكي أن الإمام أبو حنيفة, رضي الله عنه, كان يجلس في المسجد بين تلاميذه
في بغداد, يحدثهم عن أوقات الصلاة, فدخل المسجد شيخ كبير السن, له لحية
كثيفة طويلة, ويرتدي علي رأسه عمامة كبيرة, فجلس بين التلاميذ. وكان الإمام
يمد قدميه, لتخفيف آلام كان يشعر بها, ولم يكن هناك من حرج بين تلامذته
حين يمد قدميه, فقد كان قد استأذن تلامذته من قبل بمد قدميه أمامهم لتخفيف
الألم عنهما. وحين جلس الشيخ الكبير, شعر الإمام بأنه يتوجب عليه, واحتراما
لهذا الشيخ, أن يطوي قدميه ولا يمدهما, وكان قد وصل في درسه إلي وقت صلاة
الصبح, فقال' وينتهي يا أبنائي وقت صلاة الصبح, حين طلوع الشمس, فإذا صلي
أحدكم الصبح بعد طلوع الشمس, فإن هذه الصلاة هي قضاء, وليست لوقتها', وإذا
بالضيف يسأل الإمام أبو حنيفة:' يا إمام, وإذا لم تطلع الشمس, فما حكم
الصلاة؟'. فضحك الحضور جميعهم من هذا السؤال, إلا الضيف والإمام الذي قال'
آن لأبي حنيفة أن يمد قدميه'.
أما عن طرائف شيوخنا المعاصرين فهي كثيرة, نرصد بعضها في السطور التالية:
روي الشيخ وجدي غنيم طرفة أثناء حديثه في أحد دروسه عمن يستفتون الجهلاء
ممن يدعون العلم.. فقال إن رجلا ذهب إلي واحد منهم وسأله:' هو الطواف كام
شوط يا شيخ؟'.. فرد عليه الشيخ المزعوم:' قول سبعة'.. ففزع الرجل وقال:'
أنا طفت تسعة'.. فرد الشيخ:' ارجع هات اتنين بالعكس'.
كان الشيخ أبو إسحاق الحويني يتحدث في أحد دروسه عن الغيرة, فذكر قصة قال
إنها أغرب ما قابله من غيرة النساء, فحكي أنه كان في بلد أجنبي, وكان شاب
فلسطيني الجنسية قد تزوج من فتاة أسلمت من هذه الدولة وكانت تحبه بشدة,
وعندما علمت الفتاة أن المسلم في الجنة سيتزوج سبعين من الحور العين, أخذت
تدعو الله علي زوجها أن يدخل النار من فرط غيرتها عليه ورفضها أن يتزوج
بأخري عليها حتي ولو في الجنة!
طرفة أخري حكاها الشيخ الحويني في إحدي حلقاته بقناة فضائية, فقال إن بعض
الأذكياء قالوا إن المرأة النكدية لها فوائد, فسئل أحدهم عن فوائد المرأة
النكدية, فقال إن لها ثلاث فوائد تعود علي زوحها:
الفائدة الأولي: أن لسانه يظل رطبا بذكر الله( بقول حسبي الله ونعم الوكيل).
الفائدة الثانية: أنها تعينه علي صلة الرحم( بفراره منها وإقامته عند والديه).
الفائدة الثالثة: أنها تعينه علي غض البصر( لأنها تجعله يكره كل النساء).
وذات مرة وفي أثناء إلقاء الشيخ أبو إسحاق الحويني درسه انقطع التيار
الكهربي عن قاعة الدرس وانطفأت الأنوار.. فسكت الشيخ للحظات ثم ضرب بأصابعه
علي مكبر الصوت ففوجئ بأنه يعمل رغم انقطاع الكهرباء.. فسأل الحاضرين
ضاحكا:' معجزة دي والا إيه.. والا انتم بتناموا في الوقت ده؟'.
ويحكي الشيخ محمد حسان في لقاء بقناة فضائية عن موقف طريف حدث له في أحد
المطارات الأجنبية, وأدي هذا الموقف إلي إسلام أسرة أمريكية بأكملها, فقال
إنه كان مع بعض المشايخ في المطار, حيث تأخرت الطائرة, فقاموا يصلون المغرب
والعشاء جمعا وقصرا, وكان هو إمامهم في الصلاة, وكان الوقت أمامهم متسعا
فأطال في الصلاة, وما إن انتهوا من صلاتهم حتي وجدوا أنفسهم في حلقة من
الرجال والنساء يحيطون بهم, ومنهم من يقوم بتصويرهم بالكاميرات, ثم تقدم
منهم رجل أمريكي تجاوز الخامسة والستين من عمره, وكان معه زوجته وابنته,
فقال لهم إنه لفت نظره سجودهم, وسألهم لماذا تضعون وجوهكم علي الأرض؟!..
وكانوا يصلون علي الأرض بدون فراش.. وقال معقبا بأنه تأتيه حالات من القلق
النفسي والاضطراب يفكر خلالها في الانتحار, فلا يشعر بالراحة والسعادة إلا
حينما يضع وجهه علي الأرض كما رآهم يفعلون, وقال إنه سعيد لأنه رأي زملاء
له جاءتهم حالة القلق النفسي وخشوا علي أنفسهم من الانتحار ففعلوا مثلما
يفعل, ووضعوا وجوههم علي الأرض... ويضيف الشيخ حسان أنه أفهمهم أن هذه هي
صلاة المسلمين.. مما أدي في النهاية إلي إسلام الرجل وأسرته.
موقف طريف آخر وقع للشيخ حسان, حدث في أثناء سفره في طائرة إلي المجر, حيث
فوجئ بعد إقلاع الطائرة بكل ركابها من الأجانب يخرجون زجاجات الخمر, وفاحت
رائحتها لدرجة أنه تأذي منها وشعر بأنه يريد أن يتقيأ, ويقول الشيخ إنه
اضطر لقضاء فترة الرحلة كاملة في الحمام هربا من رائحة الخمر..!
ومن الطرائف التي رواها الشيخ محمود المصري في أحد دروسه, طرفة قال إنها من
شخص ذكي لآخر أذكي منه, حيث زار رجل صديقه الذي يعمل مكوجيا فوجد خديه
محترقتين, فسأله عن سبب ذلك, فرد بالقول إنه كان يضع هاتفه المحمول علي
المنضدة, ولما رن الهاتف اختلط الأمر عليه وبدلا من أن يرفع الهاتف رفع
المكواة فأحرقت وجهه, فقال الضيف.. هذا خدك الأيمن, لكن ماذا عن خدك
الأيسر, فرد المكوجي:' ما هو الغبي اتصل تاني'!
والطريف أن يتناقل الشيوخ الطرائف والمواقف النادرة عن بعضهم, فنقل الشيخ
محمود المصري طرفة عن الشيخ أبي إسحاق الحويني, قال فيها: وقع شجار بين رجل
وزوجته, وكانت الزوجة شرسة جدا, فأخذت' شومة' وحاولت ضربه بها, فجري منها
واختبأ تحت السرير, فقالت له: لو راجل تطلع, فرد الزوج سريعا بالقول: مش
طالع وهنشوف كلام مين فينا اللي هيمشي!
وذكر الشيخ محمود المصري في حديث له عن الحرص علي صلاة الجماعة, قصة أشخاص
كانوا في دولة من دول الخليج وفي سفر حوالي ثلاثة آلاف كيلومتر من مدينة
إلي أخري, فنزلوا في فندق للاستراحة وقضاء الليل فيه, وحينما دخلوا الفندق
كان وقت صلاة المغرب, وفي أثناء ذهابهم إلي غرفهم وجدوا ساحة مفروشة
بالموكيت في نهايتها محراب مرسوم فيه القبلة فظنوها مسجدا, ودخلوا في
الصلاة بالفعل, ودخل الإمام في المحراب وبدأ الصلاة ثم ركع, وأطال الركوع
بشكل أقلق بقية رفاقه, حتي نظر أحدهم فلم يجد الإمام ولا المحراب.. فقاموا
منزعجين ليبحثوا عن رفيقهم فلم يجدوه, وتبين لهم بعد ذلك أن هذا المحراب لم
يكن إلا مصعد الفندق وأن إدارة الفندق رسمت فيه اتجاه القبلة لكي يعرفه
النزلاء في كل دور, وفي أثناء ركوع الإمام طلب أحد النزلاء المصعد في دور
آخر فصعد بالإمام, وهكذا سرق الإمام والمحراب..!
وبأسلوبه الرشيق الشيق يحكي الشيخ عبد الله كامل واحدة من أطرف المواقف
التي تعرض لها, فيقول إنه كان إماما في صلاة بأحد المساجد, وكان يصلي وراءه
رجل مغرم بالمقامات الموسيقية ومتأثر جدا بها, لدرجة أنه كلما سمع شيئا
قلده كالببغاء ولكن في المقامات, وبدأ الشيخ يقرأ في أول آية من فاتحة
الكتاب, ففوجئ بصوت من خلفه ينغم الآية بالمقامات الموسيقية, ويقول الشيخ
إنه توقف من فرط دهشته حتي خشي أن يقول الناس إنه نسي الفاتحة, فأكمل
القراءة, وكلما غير المقام أو رفع صوته حتي يسكت الرجل ظل الرجل ينغم
الآيات معه, حتي وصل الأمر به إلي تنغيم التكبير في حركات الصلاة.
وكان الشيخ المصري يتحدث عن حديث النبي صلي الله عليه وسلم الذي قال فيه:'
تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها' وتطرق إلي اختيارات
الشباب العجيبة في الوقت الحاضر, حتي توقف عند إعلان عجيب قرأه في إحدي
المجلات, حيث نشر رجل إعلانا يطلب فيه زوجه قال فيه: من مزارع في الخامسة
والعشرين من عمره, يرغب في الزواج من فتاة ريفية تمتلك جرارا زراعيا,
فالرجاء عند الموافقة إرسال صورة الجرار'.
وفي إحدي حلقاته التليفزيونية, يحكي الشيخ حازم شومان طرفة حدثت لصديق له
يعمل صيدليا في إحدي القرية, حينما جاءه رجل بسيط قال له: لو سمحت يا دكتور
أنا عايز القطرة التي تضعها زوجتي في عينيها, فسأله الصيدلي: اسمها إيه؟'
قاصدا نوع قطرة العين' فرد الرجل البسيط وقد ظن أنه يسأله عن اسم زوجته:
اسمها فتحية... ويقول الشيخ ضاحكا: ليت كل الأزواج يكونون في إخلاص هذا
الرجل الذي لا يفكر إلا في زوجته!
وللشيخ محمد حسان موقف طريف جدا بسبب خلط البعض بين معني كلمة' دهن' في
حديث أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يكن يرد الدهن.. بمعني الطيب أو
العطر.. وبين المعني الآخر لنفس الكلمة' الدهن' أي المادة التي تستخدم في
طهي الطعام, ونحن ننقله كما رواه في أحد دروسه, قال الشيخ:' جاءني بعض
أحبابنا من مدينة المنصورة في أحد دروس الخميس, وكان الدرس مزدحما جدا,
لكني فوجئت بهم ينادونني: يا شيخ عايزين نسألك في صحة حديث, فقلت له
تعالوا, سأل أحدهم: هل ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم كان لا يرد
الدهن؟.. فرد الشيخ: نعم.. هذا صحيح, كان صلي الله عليه وسلم لا يرد
الدهن.. فإذا بواحد منهم يقول: مش قلت لكم علشان ما عدتوش تتلامضوا معايا..
وإذا بآخر يقول: يا شيخ ده كان هيموتنا النهارده.. يقول الشيخ حسان:
سألتهم: فيه إيه؟.. وجلس معهم ليعرف الأمر.. فقال أحدهم: هذا الأخ دعانا
لطعام الغداء, وأحضر لنا' لية الخروف' وحمرها بالسمن البلدي ووضعها علي
الأرز, وكان يقطعها لنا وكلما رفضنا أكلها يقول: كل.. كان النبي صلي الله
عليه وسلم لا يرد الدهن. وأضاف, قلت له: انت متأكد إن النبي قال كده.. فرد
الداعي: والله يا أخي حديث صحيح.. فيأكلوا' اللية' حبا في رسول الله..
وكلما انتهوا من أكل قطعة قدم لهم أخري وإذا رفضوا ردد لهم الحديث, فاتفقوا
علي الذهاب للشيخ حسان ليبين لهم صحة الحديث, ويقول الشيخ حسان: نظرت إلي
صاحب الدعوة, وقلت له سامحك الله.. كان النبي صلي الله عليه وسلم لا يرد
الدهن أي لا يرد الطيب.. فقال له الرجل الآخر: كنت هتموتنا باسم النبي؟.
ومن أطرف المواقف التي وقعت للشيوخ, ذلك الموقف الذي وقع فيه الشيخ صفوت
حجازي, وحكاه في حلقة بقناة تليفزيونية, فقال: كنت أعقد عقد زواج بأحد
المساجد, وبدأت الخطبة فقلت: إنه يوم مبارك, فهو يوم جمعة, وفيه ساعة
إجابة, والنبي صلي الله عليه وسلم كان يتزوج يوم الجمعة, ومن علامات مباركة
هذا الزواج أنه يعقد في المسجد يوم الجمعة.. ويضيف: لاحظت علامات الدهشة
علي وجوه الحاضرين, واقترب منه أحدهم وهمس له: هل حضرتك صليت الجمعة
النهارده؟.. فتوقف الشيخ وقد اكتشف أن اليوم هو الإثنين وليس الجمعة!
ومن الطرائف التي وقعت علي الهواء مباشرة, الاتصال الذي تلقاه الشيخ محمد
حسان خلال حلقة رمضانية, فجاءه صوت طفل صغير يقول وهو يتلعثم في كلامه:
السلام عليكم.. فرد الشيخ السلام.. فقال الطفل: إزيك يا أبي.. فرد الشيخ:
أهلا وسهلا.. أنت من؟' بصيغة المذكر'.. فظل الطفل يردد: أنا أحبك.. والشيخ
يرد: وأنا أحبك أيضا.. حتي سأل الشيخ مرة أخري: ما اسمك؟.. فرد الطفل بصوت
لا يكاد يفهم: أنا سلمي.. وأدرك الشيخ أنه يتحدث مع طفلة وهي ابنته' سلمي'.
كان الشيخ محمود المصري يقدم إحدي حلقاته التلفزيونية, وتحدث فيها عن
الإمام الفقيه' أبو زرعة بن شريح' وكان يفتح بيته علي المسجد, وذات مرة كان
في درس علم مستغرقا مع تلاميذه الذين كانوا يجلونه غاية الإجلال, وإذا
بأمه تناديه وتأمره بإطعام الدجاج, ويعلق الشيخ علي هذا الموقف, قائلا:
تخيل لو كنت أنا معاك الآن, وأمي رحمها الله- تناديني: يا حودة.. أطعم
الفراخ, فنأخذ فاصل, ونيجي لكم بعد ذلك من عشة الفراخ! الطريف أن المخرج ظن
أن الشيخ يريد الخروج إلي الفاصل بالفعل, ولكن الشيخ أشار إلي أنه يمزح,
قائلا: ما فيش فراخ يا ابني, هنطلع فاصل ليه'.
حكاية طريفة شارك في روايتها كل من الشيخ محمود المصري والشيخ مازن
السرساوي, وهي قصة ملك كان له وزير كلما نزل بالملك مصاب يقول له:' لعله
خير'. فحينما مات ولده قال له الوزير: لعله خير', ثم قطع أصبعه فقال له
الوزير:' لعله خير'. فضاق به الملك وأمر بإيداعه السجن, فقال أيضا:' لعله
خير'. وبعدها بفترة خرج الملك متخفيا للصيد في الغابة, فقابل قبيلة كانت
معتادة ذبح رجل في هذا التوقيت كقربان, ولم يدركوا أنه الملك بسبب تخفيه,
وكادوا يذبحونه, لولا أن وجدوا أصبعه مقطوعا, فتركوه رافضين أن يكون
قربانهم مشوها, فتذكر وزيره, وأمر بإخراجه من السجن وسأله:' أنا...' لعله
خير'... لأن اصبعي المقطوع أنقذني من الذبح, ولكن أنت لماذا سجنك' لعله
خير'؟ فرد قائلا: لأنني كنت سأذهب معك وسيتركونك ويذبحونني بدلا منك...
فلعله خير!
وفي أحد دروسه, كان الشيخ المصري يتحدث عن الرضا بقضاء الله, ونقل قصة
أوردها الإمام بن الجوزي في' أخبار الحمقي والمغفلين' عن أعرابي كان عنده
حمار يقول بن الجوزي:' كان لا يري الدنيا إلا في حماره, وكان أن مرض
الحمار, فنذر الأعرابي أن يصوم لله سبعة أيام لو شفي الحمار, فشفي الحمار
وصام الأعرابي الأيام السبعة بالفعل, ولكن بعد مغرب اليوم السابع مات
الحمار, فقرر الأعرابي خصم الأيام السبعة التي صامها من شهر رمضان التالي!
ويحكي الشيخ مصطفي العدوي موقفا طريفا مر به في اليمن حين كان ضيفا علي
قناة تليفزيونية, وحين سأله مقدم البرنامج: ربما يستنبط الفقيه أحكاما
فقهية من الكتب, ثم يأتي الواقع ليغير من هذه الأحكام ومن رؤاه ومن فتاواه,
فهل حدث ذلك معكم؟.. ورد الشيخ العدوي بالإيجاب, مشيرا إلي أنه قد سافر
إلي اليمن بعد انتهاء دراسته وتجنيده, وكان يحرص وقتها علي تنفيذ أي حديث
يسمعه عن النبي صلي الله عليه وسلم, وكان مما قرأه من حديث أم هانئ أن
النبي صلي الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وله أربع غدائر' ضفائر' فقام
بعمل أربع ضفائر من الخلف, وقال إنه كان في اليمن الكثير من اليهود, وإن
علامة اليهودي من أعلام الأئمة أن يجعل له' زنارة' أي ضفيرة جهة اليمين
وأخري جهة اليسار, وذات يوم نزل إلي السوق لشراء بعض الاحتياجات, فإذا
بالبائع يساله: كيف حالك يا أبا يهود؟!.. فحاول أن يفهمه أن هذه الضفائر
سنة عن رسول الله, لكن البائع رد:' ما تكذبش علي رسول الله', فانصرف رافضا
الجدال, وقال إن الضفائر ليست علي الإيجاب وليست علي الاستحباب, ويقول إنه
راجع الحديث مرة أخري, فوجد أن الحديث فيه انقطاع!
وقصة طريفة أخري وقعت للشيخ عمر عبد الكافي حين كان يلقي درسه ذات يوم,
وكان في الصف الأول رجل ينصت باهتمام بالغ, ويقول الشيخ إنه شعر بالإعجاب
من اهتمام وإنصات الرجل, حتي تلا حديث النبي صلي الله عليه وسلم:' لتتبعن
سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة, حتي لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه' أخرجه
الترمذي.. ويضيف: فوجئت بهذا الرجل يقول:' والله شجاع الترمذي هذا'.. فسأله
الشيخ: لماذا؟.. قال الرجل: الترمزي أخرج الضب! فطلب الشيخ إقامة الصلاة
ليستريح من علم هذا العبقري.
ويكشف الشيخ مسعد أنور في إحدي خطبه سر كلمة' الخنفشار' فيقول إن هناك قصة
قديمة عن رجل كان يفتي أي سائل في أي سؤال كان, ولا يقول في أي سؤال إنه لا
يعلم, فلاحظ أقرانه جرأته علي الفتوي, فأجمعوا أمرهم بينهم علي امتحانه,
فاختلقوا له كلمة ليس لها أصل في أي لغة, فأخذوا من اسم كل واحد منهم حرفا
فكان الحاصل كلمة' الخنفشار' وذهبوا إلي الرجل في درس علمه, وقالوا إنه قد
وقفت أمامهم كلمة لا يعرفون لها معني, وهي كلمة الخنفشار, فأجاب بسرعة:
الخنفشار كلمة سهلة, وهي نبت طيب يخرج علي أطراف أرض اليمن, وإذا أكلته
الإبل ينعقد لبنها في ضرعها,