منتدى البشارة المفرحة

بسم الاب والابن والروح القدس الالة الواحد امين

عزيزى الزائر/ عزيزتى الزائرة
يرجى التكرم بتسجيلك فى بيتك الثانى
لناخذ بركة حضورك معنا
شكرا لك
ادارة المنتدى


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى البشارة المفرحة

بسم الاب والابن والروح القدس الالة الواحد امين

عزيزى الزائر/ عزيزتى الزائرة
يرجى التكرم بتسجيلك فى بيتك الثانى
لناخذ بركة حضورك معنا
شكرا لك
ادارة المنتدى

منتدى البشارة المفرحة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى البشارة المفرحة

كلمة الحياة+++ من بلدة طوخ دلكة


    الأبوكريفا - أسفار الأعمال الأبوكريفية

    باسم بديع
    باسم بديع
    Admin
    Admin


    ذكر عدد المساهمات : 1407
    تاريخ التسجيل : 02/12/2008
    الموقع : منتدى البشارة المفرحة
    العمل/الترفيه : المدير العام للمنتدى
    المزاج : خادم الرب وشاكر نعمتة

    البابا كيرلس الأبوكريفا - أسفار الأعمال الأبوكريفية

    مُساهمة من طرف باسم بديع الأحد مايو 23, 2010 12:20 am


    +++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

    .[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]






    نقلاً عن دائرة المعارف الكتابية


    مقدمة:


    أطلقت كلمة " أبو كريفا " في العصور المسيحية على بعض الكتابات غير القانونية في العهد القديم ، وكذلك في العهد الجديد ، وبخاصة الكتابات التي تشتمل على " رؤى " تتعلق بالمستقبل والانتصار النهائي لملكوت الله … إلخ ، إذ أنها أمور تسمو عن فكر البشر وحكمة " المطلعين " .
    عندما أطلقت كلمة " أبو كريفا " على الكتابات الدينية ، كانت تحمل معنى أنها قاصرة على دائرة معينة ضيقة ، لايمكن لمن هم خارج هذه الدائرة أن يفهموها .
    فالكلمة بمعنى " خفي - غامض - مبهم - عويص "



    وكان جيروم ( توفي حوالي 420 م ) وكيرلس الأورشليمي ( توفي حوالي 386 م ) هما أول من أطلق لفظ " أبو كريفا " على ما جاء في الترجمة السبعينية زيادة عما في الأسفار العبرية القانونية .

    ويمكن أن نفهم كيف بدأت مثل هذه الكتابات في الكنيسة الشرقية ، متى علمنا أن كثيرين من أتباع الفلسفة اليونانية ، قبلوا الإيمان المسيحي ، وكان من الطبيعي أن ينظروا إليه من خلال الفلسفة القديمة . وقد رأى الكثيرون منهم بعض المعاني الصوفية في الأسفار القانونيــــة ، فضمنوا هذه المعاني كتباً خاصة موجهة لفئة متميزة دون عامة الناس. وعلى نفس هذا المنوال نشأ بين اليهود - بجانب الناموس المكتوب - ناموس شفهي يتضمن تعاليم معلمي اليهود ، التي وضعوها في مرتبة أعلى من سائر الكتب . وقد يجد الإنسان شبيهاً لذلك في نظرة بعض أتباع الطوائف المختلفة إلى مؤلفاتهم الخاصة واعتبارها ملزمة لهم أكثر من الكتاب المقدس نفسه .

    وقد ساعد على حركة تأليف مثل هذه الكتب ، المذاهب الغنوسية وتعاليمها السرية للخاصة . وقد تأثر هؤلاء الغنوسيون بالصوفية البابلية والفارسية وكتاباتها . ويذكر أكليمندس الإسكندري ( توفي 220 م ) أسماء بعض الكتب السرية للديانة الزرادشتية ، ولعله أول من أطلق لفظ " أبو كريفا" على هذه الكتابات الزرادشتية ، فالمسيحية الشرقية وبخاصة اليونانية نزعت إلى إعطاء الفلسفة المكانة التي يعطيها العهد الجديد والمسيحية الغربية للعـــهد القديم .

    ثم أصبحت كلمة " أبو كريفا " تعني كتباً أقل قيمة وأضعف سلطاناً من أسفار العهدين القديم والجديد . وقد حدث هذا لسببين :
    (1) أنه لا يمكن أن يكون قد أوحي لكاتب ممن عاشوا بعد عهد الرسل .
    (2) لايمكن أن يعتبر أي كتاب قانونياً إلا إذا كانت قد قبلته كل الكنائس . وبذلك اعتبرت الكتابات التي ظهرت في نهاية القرن الثاني وأطلق عليها " أبو كريفا " - للحط من قدرها - أنها نبعت أساساً من المذاهب الهرطوقية مثل الغنوسيين ، ولم تحظ قط بالقبول لدى مجموع الكنائس . فيقول أوريجانوس ( توفي 253 م ) ، إنه يجب أن نفرق بين الكتب المسماة " أبو كريفا" ، فالبعض منها يجب رفضه كلية لأنه يحوي تعاليم تناقض تعليم الكتاب ، وهكذا نجد أنه من نهاية القرن الثاني ، أصبحت كلمة " أبو كريفا" تطلق على ماهو زائف وتافـــه ، ويخاصة الكتابات التي تنسب لأناس لم يكتبوها .

    ويعارض إيريناوس ( توفي 202 م ) أكليمندس الإسكندري فيرفض أن يكون للكتابات السرية أي اعتبار ، وكان يعتبر ( وكذلك جيروم فيما بعد ) أن كلمتي " قانونية " و " أبو كريفا " على طرفي نقيض . كما أن ترتليان ( توفي 230 م ) كانت له نفس النظرة ، فكلمة أبو كريفا كانت تعني عنده الأسفار غير القانونية .

    وفي القرون الأولى كانوا يقسمون هذه الكتب إلى ثلاثة أقسام :
    (1) كتب يمكن قراءتها في الكنيسة .
    (2) كتب يمكن قراءتها على انفراد ولكن ليس في الاجتماعات .
    (3) كتب يجب ألا تقرأ إطلاقاً . وقد أطلق أثناسيوس ( توفي 373 م ) كلمة أبو كريفا على هذا القسم الثالث وجعلها مرادفة لكلمة " مزيفة " .

    والخلاصة هي :

    1- في الكتابات الكلاسيكية ، الهيلينية ، كانت كلمة أبو كريفا تدل على معنى " خفي أو غامض أو عسر الفهم " .
    2- في بداية عصر الآباء ، كانت كلمة أبو كريفا مرادفة لكلمة كتابات للخاصة أي لفئة معينة متميزة .
    3-في العصور التالية لذلك ، كانت تستخدم في اليونانية ( مثل إيريناوس وغيره ) وفي اللاتينية ( جيروم ومن بعده ) بمعنى " غير قانوني " أي أنها دون الأسفار القانونية .
    5-لا يوجد مرادف لكلمة " أبو كريفا" في العبرية بمعنى الكتابة للخاصة أو الكتابة غير القانونيـــة .


    أسفار الأعمال " الأبوكريفية ":

    ظهرت الكتابات الأبوكريفية في الدوائر المسيحية - وبخاصة الغنوسية - والتي زعموا أنها تحتوي على حقائق المسيحية الأعمق ، وأنهم تسلموها كتقليد سري من المسيح المقام ومن رسله . وهي جميعها مزيفة وهرطوقية وعندما بدأ ظهور مفهوم الكنيسة الجامعة ، كان لابد أن ينظر إلى هذه الكتابات السرية بعين الريبة ، فمنعت منعاً باتاً ، ليس فقط لأنها شجعت روح الانقسام في الكنيسة لكن لأنها كانت عاملاً على نشر الهرطقات . وهكذا أصبحت كلمة " أبو كريفا" تعني " زائفاً وهرطوقياً " ، وقد استخدمها بهذا المعنى إيريناوس وترتليان .

    ورغم أنها لم توسم جميعها بالهرطقة ، فقط اعتبرت غير لائقة للقراءة في اجتماعات العبادة ، وإن كان البعض منها يمكن قراءته على انفراد . وبتأثير جيروم اتسع معنى كلمة " أبو كريفا " لتشمل مثل هذه الكتابات التي لاتعترف الكنيسة بها أسفاراً قانوينة رغم عدم احتوائها على تعليم هرطوقي .

    وتطلق كلمة " أبو كريفا " بهذا المعنى الواسع على " أسفار الأعمال " الأبو كريفية ، والتي استبعدت من الأسفار القانونية للعهد الجديد ، لأن الكنيسة لم تعترف بصحتها وسلامة مصادرها .

    أولاً - صفاتها العامة : تزعم أنها تقدم تفاصيل أكثر مما في سفر الأعمال الكتابي عن أنشطة الرسل . والزيادات التي فيها مصبوغة بالمبالغات والتهاويل ، وتنم عن نزعة غير سليمة لإختراع الخوارق ، فهي مملوءة بالروايات الغريبة التي اختلقها خيال جامح ، فهي خالية من اللباقة ، بعيدة كل البعد عن الحقيقة ، وهي تصور الرسل في مستوى أعلى من مستوى البشر ، والضعفات البشرية التي تسجلها لهم الأسفار القانونية تختفي تماماً ، فهم يسيرون في العالم كرجال ملمين تماماً بكل أسرار السماء والأرض ، ويمتلكون قدرات لا حدود لها ، فلهم القدرة على الشفاء وإخراج الشياطين وإقامة الموتى . ومع أن هذه الأفعال العجيبة كثيراً ماكانت تحدث ، إلا أن هذه الأسفار تروي معجزات أتاها الرسل تذكرنا بالخوارق اللامعقولة عن طفولة يسوع المذكورة في إنجيل توما ، مثل جعل سمكة مشوية تعوم ، أو تمثال مكسور يصبح سليماً بواسطة رشه بمياه مقدسة ، أو طفل ذي سبعة شهور يتكلم بصوت رجل بالغ ، أو أن تصبح الحيوانات قادرة على الكلام بلغة بشرية .

    الخوارق : والصفة الرومانسية للأعمال الأبو كريفية تظهر بشدة في ابتدائها - في أغلب الأحيــان - بالخوارق ، فيظهر الملائكة في رؤى أو أحلام ، وتُسمع أصوات من السماء ، وتهبط السحب لستر الأمناء في وقت الخطر ، كما تفتك الصواعق بأعدائهم ، وقوات الطبيعة المخيفة من زلازل ورياح ونيران تبعث الرعب في قلوب الفجار .
    والسمة البارزة في الأعمال أبو كريفية هي ظهور المسيح بأشكال متعددة ، فمرة يظهر في هيئة رجل عجوز ، ومرة في هيئة فتى ، ومرة أخرى في هيئة طفل ، ولكن الأغلب أن يظهر في صورة هذا الرسول أو ذاك .

    الزهد الجنسي : كان لها غاية عملية هي إثبات وإشاعة نوع من المسيحية يُنادي بالإمتناع الصارم عن العلاقات الجنسية ، فهذا الزهد الجنسي هو الموضوع الرئيسي في هذه الأعمال . فكفاح الرسل واستشهادهم إنما حدث نتيجة كرازتهم بوجوب طهارة الحياة الزوجية ، ولنجاحهم في إقناع الزوجات بتجنب مخالطة أزواجهن . فكل أسفار الأعمال الأبوكريفية تتخللها فكرة أن الإمتناع عن الزواج هو أسمى شرط للدخول إلى الحياة الفضلى وربح السماء .

    التعاليم الهرطوقية : الأعمال الأبو كريفية لا تخلو من هرطقات ، فجميعها - باستثناء أعمال بولس - تمثل فكراً دوسيتيا أي أن حياة المسيح على الأرض لم تكن إلا خيالاً غير حقيقي . وتبرز هذه الفكرة بشدة في أعمال يوحنا حيث نقرأ فيها أن يسوع عند سيره لم تكن أقدامه تترك أثراً ، وأنه عندما كان الرسول يحاول أن يمسك بجسد المسيح كانت يده تخترق الجسد بلا أي مقاومة ، وأنه بينما كانت الجموع تحتشد حول الصليب ويسوع معلق عليه أمام أنظار الجميع ، كان السيد نفسة يتقابل مع تلميذه يوحنا على جبل الزيتون ، فلم يكن الصلب إلا منظراً رمزياً ، فالمسيح تألم ومات في الظاهر فقط . وارتبطت بهذه الأفكار الدوسيتية أفكار انتحالية ( مودالزم ) ساذجة لا تفرق بين الآب والابن .

    المشاعر الدينية : بالرغم من هذا الإنطباع السيء الذي يخلقة هذا الطوفان من تفاصيل الخوارق والتهاويل ، فإن الإنسان لا يسعه - أمام كثير من الأجزاء منها - إلا أن يحس بنشوة الحماس الروحي ، وبخاصة في أعمال يوحنا وأندراوس وتوما حيث توجد أجزاء ( أناشيد وصلوات ومواعظ ) تبلغ أحياناً حد الروعة والجمال الشعري وتتميز بدفء ديني وحماسة صوفية وقوة أدبية . فالخرافات الباليةوبقايا الوثنية الظاهرة ، يجب ألا تعمي أبصارنا عن أن في هذه الأعمال الأبوكريفية - رغم التشويه الشديد - صوراً للعقائد المسيحية في تلك العصور . وأن كثيرين من الناس تثبت إيمانهم بقوة المسيح المخلص من خلالها .

    أصلها : هناك دوافع كثيرة وراء ظهور كتب مختلفة عن حياة وأعمال الرسل :

    1- التقدير الكبير للرسل كمستودع للحق المسيحي .
    2- الفضول : فسفر أعمال الرسل القانوني لم يعتبر كافياً لإشباع الرغبة في معرفة حياة الرسل وتعاليمهم ، فبعض الرسل قد تجاهلهم سفر الأعمال ، كما أن المعلومات عن بطرس وبولس لا تزيد عن لمحات من أحداث حياتهما .
    3-الرغبة في السلطان الرسولي : والرغبة في إضفاء أهميةكبيرة على بعض المفاهيم المتعلقة بالحياة ، والتعاليم المسيحية التي سادت بعض الدوائر ، وذلك بنسبها إلى الرسل .
    4-مكانة الكنائس المحلية : كان هناك سبب جانبي لتلفيق هذه الأساطير عن الرسل ، وهو رغبة بعض الكنائس في وجود سند لما تدعيه من أن مؤسسها هو أحد الرسل ، أو أنها كانت على صلة بهم ، هناك دلائل قوية على أنها مجرد اختلاق لإعطاء مكانة بارزة لكنيسة محلية .

    ثانيا - مصادرها :

    1- سفر الأعمال الكتابي : يمكن عموماً القول بأن أسفار الأعمال الأبو كريفية مملوءة بالتفاصيل الأسطورية ، وقد بذلت في اختلاقها كل الجهود للإيحاء بصحتها التاريخية ، فإنها كثيراً ما تذكر أحداثاً وردت في سفر الأعمال الكتابي ، فالرسل يلقون في السجون ويخرجون منها بمعجزة ، والذين يتجددون يستضيفون الرسل في بيوتهم ، ويتكرر وصف عشاء الرب بأنه " كسر الخبز " ( أع 2 : 42 و 46 ) بصورة تلائم أغراضهم ، حيث لايرد ذكر للخمر في صنع العشاء الرباني .
    وفي أعمال بولس ، واضح أن المؤلف ، استخدم سفر الأعمال الكتابي كإطار لروايته ، وذلك لإضفاء صبغة الصحة التاريخية على هذه التلفيقات المتأخرة ، لكي تنال قبولاً لدى القاريء . واستنادهم الواضح على سفر الأعمال الكتابي دليل قوي على أنه كان له اعتباره السامي الرفيع في الوقت الذي كتبت فيه هذه الأسفار الأبو كريفية .

    2- التقاليد : هذه الصبغة الأسطورية لا تمنع احتمال صحة بعض التفاصيل في الزيادات عما في سفر الأعمال الكتابي ، ولكن يجب القول بأن دلائل وجود تقاليد يعتمد عليها ، ضئيلة جداً ، فالبذور القليلة من الحقيقة التاريخية ، مدفونة في أكوام من الأساطير التي لا شك في زيفها .

    وفي القرن الثالث نجد تلميحات خاطفة لبعض أسفار الأعمال الأبو كريفية ، ولكن في القرن الرابع كثرت الإشارات إليها في كتابات الشرق والغرب على السواء . وسنذكر هنا أهم هذه الإشارات :

    1- شهادة كتاب الشرق : أول كتاب الشرق الذين ذكروا صراحة الأعمال الأبو كريفية ، هو يوسابيوس ( المتوفي في 340 م ) ، فهو يذكر " أعمال أندراوس وأعمال يوحنا وأعمال الرسل الآخرين " ، وكانت من الهوان بحيث لم يحسب أي كاتب كنسي أنها أهلاً لأن يستشهد بها ، فأسلوبها وتعليمها ينمان بكل وضوح عن مصدرها الهرطوقي ، لدرجة تمنع من وضعها حتى بين الكتب الزائفة ، بل رفضوها تماماً باعتبارها سخيفة وشريرة . ويصرح أفرايم ( المتوفي 373 م)بأن أسفار الأعمال كتبها الباردسانتيون لينشروا باسم الرسل ما هدمه الرسل أنفسهم . ويكرر أبيفانيوس ( حوالي 375 م ) الإشارة إلى أسفار أعمال كانت تستخدم بين الهراطقة . ويعلن أمفيلوكيوس من أيقونية ، وكان معاصراً لأبيفانيــوس ، أن كتابات معينة كانت تنطلق من دوائر الهراطقة وهي " ليست أعمال الرسل ، بل روايات شياطين " . كما أن مجمع نيقية الثاني ( 787 م ) يحتفظ لنا بعبارة أمفيلوكيوس آنفة الذكر ، وقد بحث موضوع الكتابات الأبوكريفية ، وبصورة خاصة أعمال يوحنا - التي كان يستند إليها معارضو الأيقونات - وقد وصفــــــــــها المجمع بأنها " الكتاب المقيت " وأصدر ضده هذا القرار : " لا يقرأه أحد ، وليس ذلك فقط ، بل نحكم بأنه مستحق أن يلقى طعاماً للنيران " .

    2-شهادة الغرب : وتكثر الإشارات إلى هذه الأعمال منذ القرن الرابع ، فيشهد فيلاستريوس من برسكيا ( حوالي 387 م ) بأن الأعمال الأبو كريفية كانت مستخدمة عند المانيين ، ويقول إنها وإن كانت لا تليق قراءتها للجمهور ، إلا أن القاريء الناضج يمكن أن يستفيد منها . ويشير أوغسطينوس مراراً إلى الأعمال الأبوكريفية بأنها كانت تستخدم عند المانيين ووصمها بأنها من تأليف " ملفقي الخرافات " . لقد قبلها المانيون واعتبروها صحيحة ، وفي هذا يقول أوغسطينوس : "لو أن الناس الأتقياء المتعلمين الذين عاشوا في زمن مؤلفيها ، وكانوا يستطيعون الحكم عليها ، قد أقروا بصحتها ، لقبلتها سلطات الكنيسة المقدسة " . ويذكر أوغسطينوس أعمال يوحنا وأعمال توما بالاسم ، كما أنه يشير إلى أن ليوسيوس هو مؤلف الأعمال الأبوكريفية . ويذكر تريبيوس ، من استورجا ، أعمال أندراوس وأعمال يوحنا وأعمال توما وينسبها للمانيين . ويندد تريبيوس ، بالتعليم الهرطوقي في أعمال توما عن المعمودية بالزيت عوضاً عن المـــاء ، ويدين هذه الهرطقة . ويذكر أن ليوسيوس هو مؤلف أعمال يوحنا . كما أن المرسوم الجلاسياني يدين أعمال أندراوس وتوما وبطرس وفيلبس وينعتها بأنه أبو كريفية . ونفس هذا المرسوم يدين أيضاً " كل الكتب التي كتبها ليوسيوس تلميذ الشيطان " .

    3-فوتيوس : أما أكمل وأهم الإشارات إلى الأعمال الأبوكريفية فهي ما جاء بكتابات فوتيوس بطريرك القسطنطينية في النصف الثاني من القرن التاسع ، ففي مؤلفـــــــــــــــــــه " ببليوتيكا " تقرير عن 280 كتاباً مختلفاً قرأها في أثناء إرساليته لبغداد ، وكان بينها كتاب " يقال عنه تجولات الرسل الذي يشتمل على أعمال بطرس ويوحنا وأندراوس وتوما وبولس . ومؤلفها جميعاً - كما يعلن الكتاب نفسه بكل وضوح - هو ليوسيوس كارنيوس " . ولغتها خالية تماماً من النعمة التي تتميز بها الأناجيل وكتابات الرسل ، فالكتاب غاص بالحماقات والمتناقضات ، وتعليمه هرطوقي ، وبخاصة أنه يعلم بأن المسيح لم يصبح مطلقاً إنساناً حقيقياً ، وأن المسيح لم يصلب بل صلب إنسان آخـــر مكانه ، وأشار إلى تعليم التقشف والمعجزات السخيفة في هذه الأعمال ، وإلى الدور الذي لعبه كتاب أعمال يوحنا في صراع معارضي الأيقونات .
    ويختم فوتيوس بالقول : " بالاختصار يحوي هذا الكتاب عشرات الآلاف من الأشياء الصبيانية التي لاتصدق ، السقيمة الخيال ، الكاذبة ، الحمقاء ، المتضاربة ، الخالية من التقوى والورع ، ولا يجافي الحقيقة كل من ينعتها بأنها نبع وأم كل الهرطقات " .

    ثالثاً - إدانة الكنيسة لها :
    هناك إجماع في الشهادات الكنسية على الطابع العام للأعمال الأبوكريفية ، فهي كتابات استخدمتها الطوائف الهرطوقية ، أما الكنيسة فاعتبرتها غير جديرة بالثقة بل ومؤذية . ومن المحتمل أن مجموعة الأعمال المحتوية على الخمسة الأجزاء التي أشار إليها فوتيوس ، كانت من تأليف المانيين في شمالي أفريقيا ، الذين حاولوا أن يحملوا الكنيسة على قبولها عوضاً عن سفر الأعمال الكتابي الذي رفضه المانيون ، وقد وصمتها الكنيسة بالهرطقة . وأصرم حكم هو الذي أصدره ليو الأول ( حوالي 450 م ) فأعلن أنـــــها : " لا يجب منعها فقط ، بل يجب أن تجمع وتحرق ، لأنه وإن كان فيها بعض الأشياء التي لها صورة التقـــوى ، إلا إنها لا تخلو مطلقاً من السم ، فهي تعمل خفية بغواية الخرافات ، حتى تصطاد في حبائل الضلالات ، كل من تستطيع خداعهم برواية العجائب " . فأعمال بولس ، التي لا يبدو فيها هرطقة واضحة ، شملها الحرم الكنسي على أساس أنها جاءت في ختام المجموعة . على أي حال ، إن الكثيرين من معلمي الكنيسة ، ميزوا بين تفاصيل الخوارق وبين التعاليم الهرطوقية ، فرفضوا الثانية وأبقوا على الأولى .

    رابعاً - الكاتب :
    ينسب فوتيوس الأعمال الخمسة لمؤلف واحد هو ليوسيوس كارنيوس ، كما أن الكتّاب الأوائل نسبوا أسفاراً معينة فيها إلى ليوسيوس كارنيوس ، وعلى الأخص - بشهادة عدد كبير من الكتَّاب - أعمال يوحنا . وكما يتضح من هذه الأعمال ، يدّعى المؤلف بأنه كان تابعاً ورفيقاً للرسول .ومهما كان الأمر فإنه عندما جمعت هذه الأعمال في مجموعة واحدة ، نسبت جميعها إلى المؤلف المزعوم لأعمال يوحنا ، وعلى الأرجح حدث هذا في القرن الرابع ، رغم أنه من الواضح أن الأعمال جميعها ليست بقلم كاتب واحد ( وأكبر دليل هو الاختلاف الواضح في الأسلوب ) وإن كان يوجد بعض التشابه بين البعض منها ، إما لأنها لمؤلف واحد أو لأنها أخذت عن مصدر واحد .

    خامساً - العلاقة بين أسفار الأعمال المختلفة :
    كان واضحا منذ العصور القديمة وجود ارتباط بين مختلف أسفار الأعمال ، ولا شك في أنه على أساس هذا الارتباط جمعت في مجموعة واحدة تحت اسم مؤلف واحد ، فالبعض يرون تشابهاً كبيراً بين أعمال بطرس وأعمــال يوحنا ، وأنهما من إنتاج مؤلف واحد ، ويرى البعض الآخر أن الأول بني على الثاني ، بينما يرى آخرون أن هذا التشابه نتيجة مدرسة لاهوتية واحدة ، وجو كنسي واحد . كما أن أعمال أندراوس فيها وجوه شبه كثيرة مع أعمال بطرس . وعلى أي حال ، فإنها جميعهاتسودها روح الزهد . أما من جهة التعليم اللاهوتي ، فأعمال بولس تقف وحدها ضد النزعة الغنوسية ، أما الأعمال الأخرى فتتفق في نظرتها الدوسيتية لشخص المسيح ، بينما نرى في أعمال يوحنا وأعمال بطرس وأعمال توما نفس التعليم الصوفي الغامض عن الصليب .

    سادساً - قيمتها :

    أ‌- كتاريخ : لا قيمة إطلاقاً لأسفار الأعمال الأبوكريفية من جهة الإلمام بحياة الرسل وأعمالهم ، ولعل الاستثناء الوحيد لذلك هو الجزء المختص ببولس وتكلة في أعمـال بولس .
    ب-كتسجيل للمسيحية في العصور الأولى : أنها عظيمة القيمة فيما يختص بإلقاء الضوء على الفترة التي كُتبت فيها ، فهي ترجع إلى القرن الثاني ، وهي منجم عني بالمعلومات عن المسيحية في صورتها العامة في ذلك الوقت.
    وتوجد مبادئ أخلاقية أخرى في هذه الأسفار تتفق تماماً مع المباديء المسيحية .

    سابعاً - أثرها :
    كان لأسفار الأعمال الأبوكريفية أثر ملحوظ في تاريخ الكنيسة ، فبعد أن استقرت المسيحية في حكم قسطنطين ، عاد الناس بأبصارهم إلى أيام الجهاد والاضطهاد ، واهتموا اهتماماً شديداً بأحداث عصر بطولات الإيمان ، عصر الرسل والشهداء ، فقرأوا أعمال الشهداء بنهم ، وبخاصة الأعمال الأبوكريفية التي اعتمدوا عليها كثيراً لإشباع رغبتهم في معرفة المزيد عن الرسل ، مما لا يوجد في الأسفار القانونية . وكانت التعاليم الهرطوقيــــــة - التي امتزجت بالأساطير التي نسجوها حول الرسل - سبباً في إدانة السلطات الكنسية لها ، ولكن الحرم الكنسي لم يستطع أن يمحو أثر هذه الألوان الزاهية الموجودة في تلك الروايات ، وأمام ذلك كرس كتّاب الكنيسة أنفسهم لكتابة التواريخ القديمة بعد استبعاد كل ماهو ظاهر الهرطقة ، وأبقوا على الخوارق والمعجزات . ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط ، بل استخدمت مادة الأعمال الأبوكريفية بكثرة في تلفيق تواريخ الرسل الآخرين ، كما نجد في المجموعة المسماة " أبدياس " من القرن السادس . وكانت النتيجة أنه من القرن الرابع إلى القرن الحادي عشر تزايدت بسرعة المؤلفات عـــــــــن الرسل " وأصبحت الموضوع المحبوب الذي يقبل على قراءته المسيحيون من أيرلنده حتى جبال أثيوبيا ، ومن بلاد العجم حتى أسبانيا " ( كما يقــول هارناك ) . كما كتبت الأساطير حول الرسل بالإشغر الدينية ، وظهرت هذه الكتابات في تواريخ الشهــداء والتقاويم ، وأصبحت مواضيع للمواعظ في أيام الصوم ، واتسقي منها الرسامون مواضيع لرسومهم . الأبوكريفا : الأعمال :

    الأعمال الأبوكريفة التي سنتكلم عنها هنا ، هي أعمال ليوسيوس التي ذكرها فوتيوس . وهي بصورتها الحالية حدث فيها تنقيح لصالح الفكر الكنسي ، ولكنها في أصلها كانت تنتمي للقرن الثاني ، ومن العسير أن نعرف كم تختلف هذه الأعمال في صورتها الحالية عما ظهرت عليه أصــلاً ، ولكن واضح من كثير من النقاط أن التنقيح الذي حدث بهدف حذف الأخطاء الهرطوقية ، لم يكن شاملاً فكثير من الأجزاء الواضحة الغنوسية ، مازالت موجودة، لأن المنقح - على الأرجح - لم يدرك معناها الحقيقي .



    أولا - أعمال بولس :


    ويقتبس منها أوريجانوس مرتين في كتاباته التي مازالت محفوظة . وفي المخطوطة الكلارومونتانيــــــــــة ( القرن الثالث ) - وهي من أصل شرقي - توضع أعمال بولس موضع الاعتبار مع راعي هرماس ورؤيا بطرس . كما أن يوسابيوس - الذي يرفض رفضــــــــــــــــاً باتاً " أعمال أندراوس وأعمال يوحنا وأعمال سائر الرسل " - يضع أعمال بولس في قائمة الأسفار المشكوك في صحتها مع هرماس ورسالة برنابا وتعليم الرسل وغيرها .

    أما في الغرب حيث كان يُنظر بعين الريبة لإوريجانوس ، فيبدو أنهم رفضوا أعمال بولس . ولا يرد لها ذكر إلا في كتابات هيبوليتس صديق أوريجانوس ، وهو لا يذكرها بالاسم ولكنه يستشهد بصراع بولس مع الوحوش كدليل على صدق قصة دانيال في جب الأسود . ولم يبق من أعمال بولس إلا أجزاء قليلة ، ولم يكن يعرف عنها إلا القليل حتى سنة 1904 حين ظهرت ترجمة لنسخة قبطية - غير سليمة الحفظ - نشرها س.شميدت .
    1. أطول هذه الأجزاء وأهمها هو ما وصل إلينا في كتاب منفصل باسم " أعمال بولس وتكلة " ولا نستطيع أن نقطع بالزمن الذي فصلت فيه عن أعمال بولس ، ولكنه لابد حدث قبل المرسوم الجلاسياني ( 496 م) الذي لا يذكر أعمال بولس ، ولكنه يديـــــــن " أعمال بولس وتكلة " .
    أ. تتلخص القصة في : أن فتاة مخطوبة من أيقونية اسمها تكلة استمعت إلى كرازة بولس عن البتولية وفتنت بها ، فرفضت الارتباط بخطيبها . ولتأثير بولس عليها ، اُستدعى بولس أمام الحاكم الذي ألقاه في السجن فزارته تكلة ، فتعرض كلاهما للمحاكمة ، فنُفي بولس من المدينة وحكم على تكلة بالحرق ، ولكنها نجت بمعجزة من وسط النار ، وأخذت في البحث عن بولس . وعندما وجدته رافقته إلى أنطاكية ( وغير واضح إن كانت أنطاكية بيسيدية أو أنطاكية في سوريا ) ، وفي أنطاكية فتن بها شخص ذو نفوذ اسمه إسكندر ، الذي عانقها علناً في الشارع ، فاستهجنت تكلة فعلته ونزعت التاج الذي كان على رأسه ، فحكم عليها أن تصارع الوحوش في ميدان الألعاب . وتركت تكلة تحت حراسة الملكة تريفينا التي كانت تعيش وقتئذ في أنطاكية . وعندما دخلت تكلة إلى حديقة المصارعة ، لقيت لبؤة حتفها دفاعاً عن تكلة ضد الوحوش ، وفي وسط الخطر ألقت تكلة بنفسها في حوض به عجول البحر ، وهي تهتـــــــــــف : " باسم يسوع المسيح أعمد نفسي في آخر يوم " . وعندما اقترح البعض أن تمزق تكلة بين الثيران الهائجة ، أغمى على الملكة تريفينا فخشيت السلطات مما يمكن أن يحدث ، وأطلقوا سراح تكلة وسلموها لتريفينا فذهبت تكلة مرة أخرى للبحث عــن بولس ، وعندما وجدته أرسلها للكرازة بالإنجيل ، فقامت بالكرازة في أيقونية أولاً ثم في سلوقية حيث ماتت .
    ب‌- ورغم أن قصة تكلة كتبت لإيجاد سند رسولي للبتولية ، فمن المحتمل أن يكون لها أساس ضعيف من الصحة ، فوجود طائفة قوية باسمها في سلوقية يؤيد الرأي القائل بأن تكلة كانت شخصية تاريخية ، كما أن التقاليد عن صلتها ببولس - التي تجمعت حول المعبد الذي بنى في سلوقية تكريماً لها - هي التي شكلت عناصر هذه الرواية ، ولاشك أن فيها بعض الذكريات التاريخية . فتريفينا شخصية تاريخية تأكد وجودها من اكتشاف نقــــود باسمها ، وكانت أم الملك بوليمون الثاني ملك بنطس وقريبة للإمبراطور كلوديوس . وليس هناك ما يدعو للشك في ما جاء في هذه الأعمال من أنها كانت تعيش في أنطاكية في وقت زيارة بولس الأولى لها . كما أن هذه الأعمال واضحة في دقتها الجغرافية ، فتذكر الطريق الملكي الذي تقول إن بولس سار فيه من لسترة إلى أيقونية ، وهي حقيقة تستلفت النظر .
    ج- كانت أعمال بولس وتكلة واسعة الانتشار ، ولها تأثير كبير وذلك للتقدير الواسع لتكلة التي كانت لها مكانة كبيرة بين القديسين باعتبارها " أول أنثى تستشهد " .والإشارات إلى هذه الأعمال في كتابات الآباء قليلة .

    2-جزء هام آخر من أعمال بولس ، هو الجزء الذي يشتمل على مايعرف بالرسالة الثالثة إلى الكورنثيين ، وفيها يذكر أن بولس كان في السجن في فيلبي ( ليس في زمن أعمال الرسل 16 : 23 ، ولكن بعد ذلك بوقت ) . وكان سجنه لسبب تأثيره على ستراتونيس زوجة أبولوفانيس ، فالكورنثيون الذين أزعجتهم هرطقة اثنين من المعلمين ، أرسلوا خطاباً لبولس يصفون له التعاليم الخبيثة التي تدعي أن الأنبياء لا قيمة لهم ، وأن الله غير قادر على كل شيء ، وأنه ليست هناك قيامة أجساد ، وأن الإنسان لم يخلقة الله ، وأن المسيح لم يأت في الجسد ولم يولد من مريم ، وأن العالم ليس من صنع الله بل من صنع الملائكة . وقد حزن بولس كثيراً بوصول هذه الرسالة ، وفي ضيق شديد كتب الرد الذي فند فيه هذه الآراء الغنوسية التي ينادي بها معلمون كذبة . ومما يستلفت النظر أن هذه الرسالة التي تستشهد كثيراً برسائل بولس الكتابية ، ورسالة الكورنثيين إلى بولس التي دفعته إلى كتابتها ، اعتبرتهما الكنائس السريانية والأرمينية ، قانونيتين بعد القرن الثاني ، ولم تصل إلينا الصورة الأصلية للرسالة في اليونانية ، ولكنها وصلتنا في نسخة قبطية ( غير كاملة ) ونسخة أرمينية ونسختين مترجمتين لللاتينية ( مشوهتين ) ، علاوة على تناولها في تفسير أفرايـــــــــــــــــــــــــــم ( بالأرمينية ) . وقد فقدت النسخة السريانية .

    3- علاوة على الجزئين المذكورين أعلاه من أعمال بولس ، توجد أجزاء أقل أهمية مثل شفاء الرسول لرجل مصاب بالاستسقاء في ميرا ( وهي تتمة لقصة تكلة ) ، ومصارعة بولس للوحوش في أفسس ( مبينة على ماجاء في 1 كو 15 : 32 ) ، واقتباسين قصيرين يذكرهما أوريجانوس ، وجزء ختامي يصف استشهاد الرسول في زمن نيرون الذي ظهر له بولس بعد موته . كما أن أكليمندس الإسكندري يقتبس فقرة عن إرسالية بولس الكرازية ، والتي ربما شكلت جزءاً من أعمال بولس .

    المؤلف وتاريخ التأليف : مما ذكره ترتليان نعلم أن مؤلف " أعمال بولس " كان شيخاً من شيوخ أسيا ، كتب كتابه " بقصد تعظيم بولس ، ولعل تاريخ تأليف أعمال بولس يرجع إلى النصف الثاني من القرن الثاني بين 160 - 180 م .

    ورغم أن أعمال بولس كتبت لبيان عظمة الرسول ، فإنها تبين بوضوح أن المؤلف لم يكن مؤهلاً لذلك من ناحية المقدرة الفكرية أو اتساع الرؤيا ، فالمستوى الفكري لهذه الأعمال هابط جداً كما أنها فقيرة في مفاهيمها ، فالموضوع الواحد يتكرر بدون أي تغيير ، والعيوب الظاهرة في خيال المؤلف واضحة في أسلوبة العاري الخالي من الفن . وبه اقتباسات كثيرة من العهد الجديد ، والصورة التي يرسمها للمسيحية ضيقة ومن جانب واحد ، وهي في جملتها صحيحة ، وليس فيها ما يؤيد رأي ليسيوس بأنها مأخوذة عن مؤلف غنوسي . فتكرار أحداث الخوارق ، والتقشف الشديد الذي يميز هذه الأعمال ، ليسا دليلاً على التأثر بالغنوسية ، بل أن التعليم فيها هو ضد الغنوسية ، كما نرى في المراسلات بين بولس والكورنثيين : " أن الرب يسوع المسيح ولد من مريم من نسل داود ، فقد أرسل الآب الروح من السماء إليها ." ويؤكد قيامة الأموات بقيامة المسيح من بين الأموات ، ولكن القيامة قاصرة على الذين يؤمنون بها ( وهذه النقطة يبدو أنها من ابتكار المؤلف ) ، فيقول : " ان من لا يؤمنون بالقيامة لن يقوموا " ويربط بين الإيمان بالقيامة وضرورة الامتناع تماماً عن المعاشرات الجنسية ، فالأطهار فقط هم الذين يعاينون الله ، " فلن يكون لكم نصيب في القيامة إلا إذا ظللتم طاهرين ولم تنجسوا الجسد " . والإنجيل الذي كرز به الرسول كان يتعلق " بضبط النفس والقيامة " . ومحاولة المؤلف تدعيم صورة المسيحية التي كانت سائدة في أيامه ، كانت هي الهدف الرئيسي لتأليف الكتاب ، فيصور الرسول بولس على أنه رسول هذا المفهوم الشائع . ولإضفاء صورة جذابة على تعليمه ، ملئت الصورة بالخوارق والمعجزات لإرضاء ذوق ذلك العصر .


    ثانياً - أعمال بطرس :

    يوجد جزء كبير ( حوالي الثلثين ) من أعمال بطرس محفوظاً باللغة اللاتينية ، يطلق عليه " أعمال فرسيلي " نسبة إلى مدينة فرسيلي في بيدمونت حيث توجد المخطوطة في مكتبة كنيستها . كما اكتشف جزء منها بالقبطية ونشره في 1903 س. شميدت تحت عنوان " أعمال بطرس " ويرى شميدت أنها جزء من كتاب أخذت منه أعمــال فرسيلي ، ولكن هذا أمر موضع شك . وهذا الجزء يتعلق بحادثة حدثت في أثناء خدمة بطرس في أورشليم ، بينما ، " أعمال فرسيلي " - ولعل المقصود منها أن تكون إمتداداً لسفر الأعمال القانوني - تروي قصة الصراع بين بطرس وسيمون الساحر ، واستشهاد بطرس في رومية . وما ذكره عنها كتاب الكنيسة ( فيلاستريوس من برسكيا ، وإيزادور من بلوزيوم وفوتيوس ) يؤكد أن " أعمال فرسيلي " هي جزء من أعمال بطرس التي حرمت في مرســـــــــــــــــوم أنوسنت الأول ( 405 م ) وفي المرسوم الجلاسياني ( 496 م ) :

    1- يحتوي الجزء القبطي على قصة ابنة بطرس المفلوجة ، ففي أحد أيام الآحاد وبطرس مشغول بشفاء المرضى ، سأله أحد الواقفين : لماذا لم يشف ابنته ؟ ولكي يبرهن على قدرة الله على إتمام الشفاء على يديه ، شفي بطرس ابنته لفترة وجيزة ، ثم أمرها أن تعود إلى مكانها وإلى حالتها كما كانت من قبل ، وقال إن هذه البلوى قد أصابتها لتخلصها من النجاسة ، حيث أن بطليموس قد فتن بها وأراد أن يتخذها له زوجة . وحزن بطليموس على عدم حصوله عليها حتى عمي من البكاء ، وبناء على رؤيا ، جاء إلى بطرس الذي أعاد له بصره فآمن ، وعندما مات ترك قطعة من الأرض لابنة بطرس . وقد باع بطرس تلك القطعة من الأرض ووزع ثمنها على الفقراء . ويشير إلى هذه القصة دون أن يذكر اســـــــــــم " أعمال بطرس " . كما توجد إشارتان لهذه القصة في أعمال فيلبس . كما تذكر القصة مع أعمال نريوس وأخيلاوس - التي كتبت في عهد متأخر ، مع تغييرات واضحة .

    2- تنقسم محتويات الأعمال الفرسيليانية إلى ثلاثة أقسام :

    أ‌- الأصحاحات الثلاثة الأولى واضح أنها تكملة لقصة أخرى ، ويمكن أن تكون تكملة لسفر الأعمال القانوني ، فهي تروي إرتحال بولس إلى أسبانيا .
    ب‌- الجزء الأكبر ( من 4 - 32 ) يصف الصراع بين بطرس وسيمون الساحر في رومية ، فلم يمكث بطرس في رومية طويلاً حتى لحق به سيمون - الذي كان " يدعي أنه قوة الله العظيمة " - وأفسد كثيرين من المسيحيين . وظهر المسيح لبطرس في رؤيا في أورشليم وأمره أن يبحر إلى إيطاليا وإذ وصل إلى رومية ثبت المؤمنين ، وأعلن أنه جاء لتثبيت الإيمان بالمسيح ليس بالأقوال فقط بل بعمل المعجزات والقوات ( إشـــارة إلى 1 كو 4 : 20 ، اتس 1 : 5 ) . وبناء على التماس من الإخوة، ذهب بطرس لمقابلة سيمون في بيت رجل يدعي مارسلوس كان قد أضله الساحر ، وعندما رفض سيمون مقابلته ، أطلق بطرس كلباً وأمره أن يبلغ سيمون الرسالة ، وكانت نتيجة هذه المعجزة أن تاب مارسلوس . وبعد ذلك جزء يصف إصلاح تمثال مكسور برش الكسر بماء باسم يسوع . وفي تلك الأثناء كان الكلب قد ألقى موعظة على سيمون وأصدر عليه حكم الدينونة بنار لا تطفأ .
    وبعد أن أبلغ بطرس بقيامه بمأموريته وتكلم إلى بطرس بأقوال مشجعة ، اختفى الكلب عند قدمي الرسول . وبعد ذلك جعل سمكة مشوية تعوم ، فتقوى إيمان مارسلوس وهو يرى العجائب التي يصنعها بطرس ، فطرد سيمون من بيته بكل احتقار ، فاغتاظ سيمون جداً لذلك ، فذهب إلى بطرس يتحداه ، فانبرى له طفل عمره سبعة شهور ، يتكلم بصوت رجالي ، وشجب سيمون وجعله يبكم حتى السبت التالي . وظهر المسيح لبطرس في رؤيا في الليل وشجعه ، وفي الصباح حكى بطرس للجماعة انتصاره على سيمون " ملاك الشيطان " في اليهودية .
    وتصف رؤية لمارسلوس ظهر له الرب فيها في هيئة بطرس وضرب بسيف " كل قوة سيمون " التي ظهرت في شكل امرأة حبشية سوداء جداً وفي ثياب رثة . ويأتي بعد ذلك الصراع مع سيمون في الساحة العامة في محضر أعضاء مجلس الشيوخ والولاة ، وبدأ الجانبان في المبارزة بالكلام ثم بالأفعال التي برزت فيها قوة بطرس وتفوقت في إقامة الموتى ، على قوة سيمون ، وهكذا خسر سيمون شهرته في رومية ، وفي محاولة أخيرة لاسترداد نفوذه ، أعلن أنه سيصعد إلى الله ، وطار - أمام الجموع المحتشدة - فوق المدينة . ولكن إستجابة لصلاة بطرس للمسيح ، وقع سيمون وانكسرت ساقه في ثلاثة مواضع ، فنقل من رومية ، وبعد أن بترت ساقه مات .
    ج- يختم سفر الأعمال الفرسيلياني بقصة استشهاد بطرس ( أصحاحات 33 - 41 ) ، فقد استهدف بطرس لعداء الشخصيات من ذوي النفوذ لأنه حرض زوجاتهم على الانفصال عنـــهم ، ونتج عن ذلك القصة المشهورة " كوافاديس " . هرب بطرس من رومية عندما استشعر الخطر ، ولكنه قابل المسيح الذي قال له إنه ذاهب إلى روميةليصلب ثانية ، فعاد بطرس وحكم عليه بالموت . وفي مكان تنفيذ الحكم ، فسر بطرس سر الصليب . طلب أن يصلب منكس الرأس ، وعندما فعلوا به ذلك ، شرح في عبارات مصبوغة بالصبغة الغنوسية ، سبب رغبته في ذلك . وبعد صلاة صوفية الطابع ، أسلم بطرس الروح , وغضب نيرون جداً لإعدام بطرس بدون علمـــه ، لأنه كان يريد التشفي فيه وتعريضه لأنواع من العذاب . وبناء على رؤية ، امتنع عن صب غضبه على المسيحيين واضطهادهم اضطهاداً عنيفاً ( قصة استشهاد بطرس موجودة أيضاً في الأصل اليوناني ) .

    قيمتها التاريخية : واضح مما سبق أن هذه الأعمال ليست إلا أساطير ، وليس لها أي قيمة من الناحية التاريخية عن خدمة بطرس .

    المؤلف وتاريخ التأليف : لا يمكن الجزم بشيء في موضوع مؤلف أعمال بطرس ، فالبعض يعتقدون أنها من تأليف كاتب أعمال يوحنا ، ولكن الأمر المؤكد هو أنهما نبتتا في نفس الجو الديني في أسيا الصغرى . وليس هناك إجماع على مكان كتابتها ، ولكن بعض التفاصيل الصغيرة مع طبيعة الكتاب ، تدل على أن أصله كان في أسيا الصغرى أكثر مما في رومية ، فهو يخلو من ذكر أي شيء عن أحوال رومية ، بينما هناك تلميحات محتملة عن شخصيات تاريخية عاشت في أسيا الصغرى . أما تاريخ كتابته فيرجع إلى ختام القرن الثاني على الأرجح .

    طبيعتها : استخدم الهراطقة أعمال بطرس ، بينما حرمتها الكنيسة ، وليس معنى هذا بالضرورة أنها من أصل هرطوقي ، ولكن من المحتمل أنها نشأت داخل الكنيسة في بيئة مصبوغة بشدة بالأفكار الغنوسية ، فنجد المبدأ الغنوسي في التشديد بخصوص " فهم الرب " ( أصحاح 22 ) . وكذلك نرى الفكرة الغنوسيه في أن الكتب المقدسة يلزم أن تكون مصحوبة بتعليم سري مسلم من الرب للرســــل ، في كثير من الأجزاء ( وبخاصة الأصحاح 20 ) . كما يوجد فيها شوائب من الهرطقة الدوسيتية ، كما أن الكلمات التي نطق بها بطرس وهو معلق على الصليب توحي بتأثير غنوسي ( فصل 73 الخ ) ، ونجد في تلك الأعمال نفس الموقف السلبي من الخليقة والروح التقشفية الواضحة كما في غيرها من الأسفار الأبوكريفيـــــــــة ، ويستخدم الماء بدل الخمر في العشاء الرباني . وأشد ما يميز أعمال بطرس هو التشديد على رحمة الله الواسعة في المسيح من نحو المرتدين ( وبخاصة في فصل 7 ) ، وهذه الملحوظة التي تكرر كثيراً هي برهان على وجود الإنجيل الحقيقي في مجتمعات اختلط إيمانها بأغرب الخرافات .


    ثالثاً - أعمال يوحنا

    بناء على جدول المخطوطات لنيسيفورس ، كانت أعمال يوحنا في صورتها الكاملة تشكل كتاباً في حجم إنجيل متى . وعدد من أجزائة يبدو مترابطاً ، وهذه تكون نحو ثلثي الكتاب . وبداية تلك الأعمال مفقودة ، وتبدأ الرواية بالفصل 18 . ولانستطيع أن نجزم بشيءعن محتويات الفصول السابقة ، وإن كان " بونيت " يرى أن الأربعة عشر فصلاً الأولى تروي تفاصيل رحلة يوحنا من أفسس إلى رومية ، ونفيــة إلى بطمس ، بينما الأصحاحات من 15 - 17 تصف عودته من بطمس إلى أفسس ، ولكننا نستبعد هذا لأن الجزء الذي يبدأ بالفصل 18 يصف زيارة يوحنا الأولى لأفسس .
    يروي الجزء الأول الموجود من هذه الأعمال ( من 18 - 25 ) أن ليكوميدس " القائـــد الأول للأفسسيين " قابل يوحنا وهو يقترب من المدينة وتوسل إليه من أجل زوجته الجميلة كليوبترا التي أصيبت بالفالج ، وعند وصولهم إلى البيت بلغ الحزن من ليكوميدس مبلغاً سقط معه ميتا ، وبعد أن صلى يوحنا للمسيح ، شفى كليوبترا ثم أقام ليكوميدس من الموت . ونزولاً على توسلاتهما أقام يوحنا معهما . وفي الفصول من 26 - 29 نجد موضوع صورة يوحنا التي لعبت دوراً بارزاً في مجمع نيقية الثاني ، فقد أرسل ليكوميدس صديقاً له ليرسم صورة ليوحنا وعندما تمت ، وضعها في غرفة نومه وأقام مذبحاً أمامها وأحاطها بالشموع ، ولما اكتشف يوحنا لماذا يأوي ليكوميدس إلى غرفته كثيراً ، اتهمه بعبادة وثن وعلم أن الصورةهي صورته ، وصدق ذلك عندما جاءوا له بمرآة ليرى نفسه فيها ، فطلب يوحنا من ليكوميدس أن يرسم صورة لنفسه وأن يستخدم في تلوينها الإيمان بالله ، الوداعة ، المحبة ، العفة ، إلخ أما صورة الجسد فهي صورة ميتة لإنسان ميت . أما الفصول من 30 - 36 فتروي قصة شفاء إمرأة عجوز مريضة ، وفي الساحة حيث كانت تجري المعجزات ، ألقى يوحنا خطاباً عن بُطل كل الأشياء الأرضية ، وعن الطبيعة المدمرة التي للعواطف الجسدية . وفي الفصول 37 - 45 نقرأ أن معبد أرطاميس قد سقط نتيجة لصلاة يوحنا ، مما أدى إلى ربح الكثيرين للمسيح . وكاهن أرطاميس الذي قتل عند سقوط المعبد ، قام من الموت وأصبح مسيحياً ( 46 ) . وبعد سرد عجائب أخرى ( إحداهما كانت طرد البق من أحد البيوت ) ، تأتي أطول قصص هذا الكتاب وهي قصة منفرة عن دروسيانا ( 62 - 86 ) نظمتها الراهبة هروزوتيا من جاندرشيم في قصيدة شعرية ( القرن العاشر ) .والفصول من 87 - 105 تروي حديثاً ليوحنا عن حياة وموت وصعود يسوع ، مصبوغاً بالصبغة الدوسيتية ، ومنها جزء كبير يتعلق بظهور المسيح في أشكال كثيرة بطبيعة جسده الفريدة . وفي هذا الجزء توجد الترنيمة الغريبة التي استخدمها أتباع بريسليان ، والتي يقولون إنها الترنيمة التي رنمها يسوع بعد العشاء في العلية ( مت 26 : 30 ) والتلاميذ يرقصون في حلقة حوله ويردون قائلين آمين . وهنا أيضاً نرى التعليم الصوفي الغامض عن الصليب يعلنه المسيـــح ليوحنا . والفصول من 106 - 115 تروي نهاية يوحنا ، فبعد أن خاطب الإخوة وتمم فريضة عشاء الرب بالخبز فقط ، أمر يوحنا بحفر قبر ، و بعد أن تم ذلك صلى وشكر الرب الذي أنقذه من " الجنون القذر للجسد " وصلى أن يمر بأمان في ظلمة الموت وأخطاره ، ثم اضطجع بهدوء في القبر وأسلم الروح .

    قيمتها التاريخية : لسنا في حاجة إلى القول بأن أعمال يوحنا ليس لها أي قيمة تاريخية ، فهي نسيج من أساطير كان القصد منها وما حوته من معجزات ، أن تغرس في أذهان العامة المفاهيم الدينية ونمط الحياة كما يعتنقها المؤلف . وهذه الأعمال تتفق مع التقليد الثابت بأن أفسس كانت دائرة خدمة يوحنا في أواخر أيامه ، ولكن ما يلفت النظر هو ما ذكره المؤلف عن تدمير يوحنا لمعبد أرطاميس ، وهو دليل قوي على أن هذه الأعمال لم تكتب في أفسس ، لأن معبد أرطاميس دمره القوط في 262 م .

    صفتها العامة : إن أعمال يوحنا هي أكثر تلك الأسفار الأبوكريفية هرطقة ، وقد أشرنا آنفاً إلى السمات الدوسيتية ، فنرى عقيدة عدم حقيقة جسد يسوع في ظهوره بأشكــــــــــــال مختلفـــة ( 88 - 90 ) ، وقدرته على البقاء بدون طعام ( 93 ) ، وبدون نوم ( " فلم أر عينية مغمضتين قط ولكنهما على الدوام مفتوحتان " 89 ) ، وإنه عندما يمشي لا تترك أقدامه أثراً ( 93 ) ، وتغير طبيعة جسده عند اللمس فمرة يكون جامداً ، وتارة ليناً ، وأخرى خيالياً تماماً ( 89 ، 93 ) . كما أن صلب يسوع كان مجرد مظهر وهمي ( 97 ، 99 ) ، وأن الصعود حدث عقب الصلب الظاهري مباشرة فلا مكان لقيامة شخص لم يمت أصلاً . كما أن الملامح الغنوسية تبدو واضحة في استخفافه بالناموس اليهودي ( 94 ) ، وفي الاهتمام بتأكيد أن المسيح سلم الرسل تعليماً سرياً (96 ) ، وفي احتقار غير المستنيرين ( " لا تهتموا بالكثيرين ، واحتقروا الذين خارج السر " 100 ) والأحداث التاريخية لآلام المسيح تحولت تماماً إلى نوع من الصوفية (101 ) فهي مجرد رمز للآلام البشرية ، والهدف من مجيئ المسيح هو أن يمكن الناس من فهم المعنى الحقيقي للآلام وهكذا يتخلص منها (96) ، وآلام المسيح الحقيقية هي مانتج عن حزنه على خطايا أتباعـــــــــــه ( 106) ، كما أنه شريك في آلام شعبه الأمين ، وفي الحقيقة هو حاضر معهم ليسندهم في وقت التجربة ( 103) . كما أن أعمال يوحنا تبدي نزعة هرطوقية وإن كانت أقل بروزاً من أعمال أندراوس وأعمال توما . ولا نجد في أي مؤلف آخر لمحات أكثر هولاً ، مما نرى في أعمال يوحنا ، من لمحات عن أعماق الفساد الجنسي ، فقصة دروسيانا تلقي نوراً قوياً على الأمور الجنسية الفاضحة . ولكن إلى جانب ذلك ، توجد أجزاء تفيض بالمشاعر الدينية الدافئة . وبعض الصلوات تتميز بالحماسة والحرارة ( 112) . وهذه الأعمال تدل على أن المؤلف كانت له موهبة الكتابة ، وهي في هذا تختلف عن أعمــــــال بولس .

    المؤلف وتاريخ التأليف : يقول مؤلف أعمال يوحنا عن نفسه بأنه كان رفيقاً للرسول ، وقد شارك في الأحداث التي رواها ، ونتيجة لذلك فإن القصة بها شيئ من الحيوية حتى إنها لتبدو وكأنها تاريخ حقيقي . والمؤلف - بشهادة تعود إلى القرن الرابع - هو ليوسيوس ولكن لايمكن أن نجزم بشيء عنه . ومن المحتمل أن المؤلف ذكر اسمه في الجزء المفقود . ونعرف أنها قديمة من إشارة إكليمندس السكندري ( حوالي 200 م ) إلى طبيعة جسد المسيح غير المادية ، فهذه العبارة تدل بوضوح على أنه كان يعرف هذه الأعمال ، أو سمع عنها ، فمن المحتمل أنها كتبت فيما بين 150 - 180 م وأنها كتبت في أسيا الصغرى .

    تأثيرها : كان لأعمال يوحنا تأثير واسع ، وعلى الأرجح هي أقدم أعمال ، وعنها أخذت سائر أسفار الأعمال التي كتبت بعدها ، فأعمال بطرس وأعمال أندراوس شديدة الشبه بأعمال يوحنا ، حتى قال البعض إنها كلها من قلم واحد ، والأرجح أننا على حق عندما نقول إن مؤلف أعمال يوحنا كان رائداً في هذا المجال من الروايات التي حيكت حول الرسل ، وأن الآخرين ساروا على الدرب الذي فتحه . ونفهم من إشارة أكليمندس الإسكندري أن أعمال يوحنا كانت تقرأ في الدوائر القويمة ، ولكن نُظر إليها بعد ذلك بعين الشك ، فأوغسطينوس يقتبس جزءاً من الترنيمة (95 ) التي قرأها في مؤلف بريسلياني أرسله إليه الأسقف سرتيوس ، ويعلق بنقد قاس عليها ، وعلى الزعم بأنها أعلنت سراً للرسل وقد أصدر مجمع نيقيـــــــة الثاني ( 787 م ) حكماً شديد اللهجة ضد أعمال يوحنا . ولكن القصص التي جاءت بهذه الأعمال انتقلت إلى الدوائر القويمة وقد استخدمها بروكورس ( القرن الخامس ) في تأليف رواية عن رحلات الرسول ، كما استخدمها أبدياس ( القرن السادس) .


    رابعاً - أعمال أندراوس

    محتوياتها :
    لم يبق من أعمال أندراوس إلا أجزاء صغيرة . كما يحتفظ لنا أيوديوس مــــن أوزالا ( توفي 424 م - وكان معاصراً لأوغسطينوس ) بجزء صغير .
    1-والجزء الوارد في أيوديوس عبارة عن فقرتين قصيرتين تصفان العلاقات بين مكسيميليا وزوجها أجيتس ، الذي قاومت مطالبه .
    2- أطول جزء من هذه الأعمال يروي سجن أندراوس لإغرائة مكسيميليا بالانفصال عن زوجها أجيتس ، لتعيش حياة الطهارة ( واسم أجيتس هو في حقيقته اسم شخص ينتسب إلى مدينة أجيا القريبة من باتري التي يقال إن أندراوس كان يعمل بها ) . ويفتتح الفصل ، في وسط خطاب ألقاه أندراوس على الإخوة في السجن ، الذي انضموا إليه فيه ليفتخروا بشركتهم مع المسيح وبنجاتهم من أمور الأرض الدنية . وأعلن أندراوس أنه سيصلب .
    3-عندما وصل إندراوس إلى مكان الصلب ربط إلى الصليب وكان يبتسم لإخفاق أجيتس في الإنتقام ، وظل ثلاثة أيام وثلاث ليال يخاطب الشعب من فوق الصليب ، وإذ تأثروا من نبله وبلاغته ، ذهبوا إلى أجيتس طالبين منه انقاذه من الموت . وإذ خشى غضب الشعب ذهب لينزل أندراوس من فوق ال

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 03, 2024 2:18 pm