بسم الاب والابن والروح القدس الالة الواحد ا مين
الجفاف الروحي وعلاجه
(( إلهي في النهار أدعو فلا تستجيب ، في الليل أدعو فلا هدوَّ لي ..
يبسَتْ مثل شَقْفَةٍ قوتي ، ولصق لساني بحنكي . ))
( مز22: 2و15 )
حينما تدخل النفس في خبرة الجفاف الروحي لأول مرة تخاف بل تجزع جداً ، وعلى الأخص لو كانت في حالة إخلاص في الصلاة والتدقيق في حياتها الروحية وسلوكها ، ويبدأ الإنسان يضطرب ويتساءل ويفتش في نفسه لعله يجد عيباً أو يجد أي سبب ولا يهدأ بل يظل يسال ويسأل في حيرة واضطراب ويشكو حالة ولا مجيب !!!
ولكن لا يدرك أن هذه هي حالة اسمها الجفاف الروحي وهو ليس علامة على فقدان أي شيء أو وجود مشكلة في علاقتنا مع الله ، وإنما هي مرحلة في منتهى الأهمية لازمة جداً لتهذيب النفس وإعدادها داخلياً لحياة روحية أكثر تقدماً ترتفع فيها فوق المسرات الذاتية أو المشجعات النفسية من فرح أو حماسة المشاعر واندفاعها في العبادة مع الله ...
فهو بمثابة غذاء قوي للبنين والخروج عن اللبن الغذاء الطفولي سهل الهضم للأطفال أي باختصار هو خبرة الدخول في حياة النضوج الروحي ...
فإذا خضعنا لهذا الاختبار وجُزناه بقبول ورضى ووعي وتأني وصبر كالشهداء الذين صبروا على آلام التجارب ، ولم تذبل أرواحنا بسبب عدم التشجيع بالتعزيات وأفراح الله ، واكتفينا بالاعتماد على صدق مواعيد الله ، فنحن ندخل بواسطة هذا الاختبار إلى قامة أبناء كاملين ونُؤهَّل للمحبة العالية التي لا تطلب ما لنفسها والتي لا تعتمد على الأخذ بل تكتفي بالعطاء والبذل ...
ونجد في هذا الاختبار ، خبرة النضوج والخروج عن العاطفة لمرحلة أعلى ، يخلو من أي اضطراب يصيب النفس ، فالجفاف الروحي إنما يوقف عمل المشاعر والعواطف فقط ، ولكن الإنسان يبقى في حالة سلام في الصلاة وقراءة الكلمة ، ولكن سلاماً بلا حرارة عاطفية وهدوء بلا جاذبية أو مسرة أو تشجيع ...
ولا يتأثر من تجربة الجفاف الروحي إلا أصحاب النفوس المدللة الذين يعيشون على التعزيات والمشجعات ، والذين عندهم مرتبطة بالأخذ ، ونموهم في نظرهم يعتمد على البراهين الحسية من جهة الشعور واهتياج العواطف تجاه الله ...
*** خطر هذه المرحلة ***
هو أن يشك الإنسان في الطريق ويعتقد أن علاقته بالله قد انقطعت ، فيتوقف عن الصلاة ، مع أن حدود هذا الاختبار – أي الجفاف الروحي الذي تسوقه النعمة على الإنسان – يسمح بوجود واستمرار الصلوات وكل أشكال العبادة بالروح ، وهو لا يسلب من الإنسان قدرته على الصلاة والمداومة فيها إنما يسلبه فقط التعزيات والأفراح وإحساسه أنه يريد أن يصلي أو يبتهج بانفعال الصلوات أو الكلمة التي كان يعتمد عليها في الصلاة والتقدم الروحي ...
فإذا أوقف الإنسان الصلاة بحجة أنه لا يشعر أو يحس بما كان يشعره فيما سبق ، سيدخل – بدون داعٍ – في تجربة سلبية خطيرة وهي التذمر على الله .
*** علاج فعال لهذه المرحلة ***
أعظم وصية تفيد الإنسان في هذه المرحلة هي قبوله الجفاف الروحي بداعي الأتضاع واكتفاؤه بأن يكون أقل الناس وليس أهلاً للتعزيات ، وحتى لو اعتبر أنه تأديباً فهذا أمر جيد لنفسه ( مع أنه ليس تأديباً إنما هو تهذيب للنفس )
لن ينفع الإنسان في هذه المرحلة أن يقف يفتش نفسه عن الأسباب أو يحاول أن يضع خططاً للخروج من هذه الحالة بأي شيء ولو حتى بمضاعفة السهو أو الخروج عن قانونه أو وضع قانون زائد أو إفراط في أي شيء .
بل بهدوء وصبر كمن يركض في الطريق الصحراوي ، يواظب على قانونه بكل عزيمة ولو بغصب نفسه للصلاة وقراءة الكلمة ، ولا تغريه ملذات التعزيات والأفراح بل يصبر على حر الصحراء ويمضي في طريقه ...
نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]